المقتطف الصحفي » عالم يتقاسمه الخراب.. في عشر صور

121506_430- صحيفة 'السفير'
ملاك حمود

نصف مليار، هو عدد الصور التي يتقاسمها العالم كل يوم عبر الشبكة. نصف مليار لقطة من زوايا مختلفة لأنماط مختلفة من الصور يجري توثيقها وتحميلها يومياً. صورٌ فنية، عبثية، أو توثيقية... من بينها، اختارت مجلّة &laqascii117o;تايم" الأميركيّة عشر صور، نشرتها تحت عنوان &laqascii117o;أفضل عشر صور للعام 2013". صور تروي عاماً كاملاً، تبدأ من تفجير ماراتون بوسطن ولا تنتهي عند حدّ الذبح المُمنهج والمُنمّط في سوريا. عرضت الصور على مدوّنة &laqascii117o;لايت بوكس" المخصصّة لفنّ الصورة الفوتوغرافيّة، وتمّ تناقلها بكثافة على الشبكة خلال اليومين الماضيين. ما يعلق من تلك الصور في الأذهان، مشهد عام مغرق في البشاعة والدمويّة. بعضها، كان أكثر قسوةً من بعضها الآخر، ولكن تجمعها المأساة.

إعدام

ملثّم بلباس أسود يحمل سكيناً، يضعها على رقبة شاب بزيّ عسكريّ. لا بد أنه جندي من &laqascii117o;الكُفّار". يكفي أن تغمض عينيك للحظة، كي تشتغل محرّكات مخيّلتك، وتعرف ما سيجري خلال ثوانٍ، في اللحظة التي لم تلتقطها الكاميرا. ستسمع أحدهم يصرخ، وآخر يقول &laqascii117o;الله أكبر"، وهو يجهز على حياة آخر. المصوّر التركي أمين أوزمين التقط تلك الصورة في بلدة كفرغان في حلب، يوم 31 آب، لمصلحة وكالة &laqascii117o;لو جورنال" الفرنسيّة. &laqascii117o;هذا كان الإعدام الرابع والأخير الذي نفّذته &laqascii117o;داعش" اليوم. عددٌ من سكان البلدة حضروا للمشاهدة، لكنّ صمتاً غريباً لفّ المكان"، يقول اوزمين. &laqascii117o;كان علي أن أوثّق ما يحدث. هذه الحرب، وأنا في وسط لحظة لا تُحتمل".

رابعة

رجل ملتحٍ يحمل مصاباً ينزف. آخر يصرخ لطلب النجدة. الإصابة في الرأس. &laqascii117o;بعد منتصف ليل 27 تموز، هرعتُ إلى محيط مسجد رابعة العدوية حيث كان أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي يعتصمون، بعد أنباء عن بدء فكّ الاعتصام. بين خط المواجهة والمستشفى الميداني والغرفة حيث تحفظ الجثث، وثّقت مستوى من العنف لم أكن قد شهدته في حياتي حتى تلك الليلة". بهذه الكلمات وثّق المصوّر المصري الشاب مصعب الشامي مشاهداته في ميدان رابعة. يواصل: &laqascii117o;12 ساعة مرت، وأنا في طريقي إلى المنزل، شاهدت رجلين يحملان ثالثاً، أُصيب في رأسه. أحدهما لم يدرك أنّ الشاب لفظ أنفاسه الأخيرة، فما كان منه إلا أن يصرخ طالباً النجدة لإسعافه".

إعصار

الصورة تشبه لوحة زيتيّة. سيدات يحملن صلباناً، وتماثيل. تبدو معالم الإيمان واضحة على وجوههنّ، كردّ فعل على كارثة إعصار هايان الذي خيّم على الفليبين، حاصداً آلاف الضحايا. لم توثّق عدسة فيليب لوبيز غضب الطبيعة، بل بحث عن الناجين. في صورته (فرانس برس)، أربع نساء، يعبرن شارعاً مدمراً بالكامل، في 18 تشرين الثاني الماضي. صوّر لوبيز إصرار أولئك النساء على البقاء، رغم جنون الإعصار. كما تنقل الصورة تمسكهنّ بمعتقداتهنّ، لدرجة اخترن إنقاذ تماثيل للقديسين، من بين كلّ الأغراض الغارقة الأخرى.

تقسيم

على أحد الحواجز في ميدان تقسيم رجلٌ يلوّح بالعلم التركي. يترنّح، ويكاد يسقط بسبب كثافة الغاز المسيل للدموع. لا يضع قناعاً يحميه.. يقول المصوّر التركي دانيال إيتر، صاحب الصورة: &laqascii117o;لم تبدُ لي احتجاجات حديقة جيزي استثنائية في بدايتها، إلا أنّ تحوّلها ضدّ حكم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان غير كل شيء". أخذ إيتر لقطته في 1 حزيران، وتفشّت على &laqascii117o;فايسبوك" بعد دقائق على نشرها، وشاركها 10 آلاف شخص، حتى تحوّلت في الأيام اللاحقة إلى ملصقات وقمصان، وأصبحت نصباً تذكارياً في ثالث أكبر مدن تركيا، ازمير.

خوف

قد تخال أنّك أمام صور سينمائيّة، لفيلم عن يوم القيامة. إلى جانب الصور المذكورة أعلاه، لم تغب عن المجلّة صورة من تفجير ماراتون بوسطن. رجال شرطة يحيطون بمكان الحادث، لا جثث، لا دم يغطي الصورة. صورة أخرى للمبنى الذي انهار في دكا في بنغلادش أواخر نيسان وحصد مئات القتلى: جثتان هامدتان، متلاصقتان حتى الموت. وفي صورة من مجمع &laqascii117o;وست غايت" التجاري في العاصمة الكينية نيروبي، تظهر امرأة وطفلان يفترشان الأرض هرباً من &laqascii117o;حركة الشباب".
الصورة محاكاة للواقع. توثّق الألم والأسى والوجع في أدقّ تفاصيله، من حروب الاستنزاف إلى الكوارث الطبيعية، والتفجيرات العبثية المجانية. عشر صور تختصر عاماً عبر ثقيلاً على البشريّة التي تجمعها المأساة، على اختلاف البلدان والأعراق والسياقات. لهذا اختارت &laqascii117o;تايم"، للسنة الثالثة على التوالي، أن تخصص عدداً كاملاً للصورة، يصدر في 23 كانون الأوّل الحالي.. الصورة باعتبارها فناً وسلاحاً في الوقت ذاته.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد