مقالات ودراسات » أوقات متفاوتة... أوقات متناسقة!

مهما بدا القول غرائبيّاً، فإن الجاذبية هي مجهول علمي، بل مجهول ضخم. ما هي الجاذبية تماماً؟ ما هو كنهها؟ لا إجابات حاسمة علمياً. نعرف تماماً أنها موجودة، بل إنها القوة الأكثر وجوداً وحضوراً في الكون كله. تعمل الجاذبية بصمت، فلا يحدث شيء خاص في شأن قوتها سوى... قوتها نفسها.

جاء آينشتاين. قال إن الزمن نسبي لأنه يتعلق بسرعة الضوء. إذا أثّرت قوة ما في الضوء، فإنها تؤثّر في الزمن. الجاذبيّة تبطئ إيقاع الزمن. إذا أردت تطبيقاً عمليّاً عن أهمية فهم العلماء للجاذبيّة، فما عليك سوى أن تنظر إلى هاتفك الخليوي الذكي. هل يحتوي تطبيق جي بي أس ؟ عندما ترسل الأقمار الاصطناعية معلوماتها عن مواقع الأشياء على الأرض عبر موجات كهرومغناطيسيّة تشبه الضوء، فإنها تتباطئ عندما تصل إلى جهازك. لقد رآك القمر الاصطناعي في مكان، وأرسل موجته إليك. إذا لم تحسب السرعة والزمن جيداً، حتى لو بقيت مسمّراً في المكان نفسه، فإن حساب المكان يتغيّر، فلا تصل الموجة إليك أبداً. تخيّل ماذا يحدث لو أن آينشتاين لم يتنبه إلى فارق الوقت الذي تحدثه الجاذبية بتأثيرها في الزمن. عندها، سوف تختل نظم الملاحة في الطائرات والغواصات وسفن الفضاء، وكل ما يعتمد في حركته على توجيه الأقمار الاصطناعية.

ولحد الآن، يمكن القول إن الموجات التي اكتشفها العلم هي الراديو، مايكروويف (الهواتف، وأفران تسخين الطعام)، تحت الحمراء (نظّارات الرؤية الليليّة، وعلاجات طبيّة)، طيف النور المرئي كله، فوق البنفسجيّة، أشعة إكس، وأشعة &laqascii117o;غاما". ويأمل العلماء باستخدام موجات الجاذبية لفهم الكثير من الظواهر الفضائية المستعصية على فهم العلماء لحد الآن. إحدى تلك الظواهر هي أن الثقبين الأسودين اللذان صدر عن تصادمهما تلك الموجات، هما ضخمان على نحو غير مفهوم علمياً. إذ يفوق كل منهما ثلاثة أضعاف ما تكونه الثقوب السود عادة، ولا يعرف العلماء السبب، إضافة الى أن الثقب الأسود هو غير مفهوم كثيراً، فلا أحد يعرف دواخله، فيما يعتقد بعضهم بأننا نعيش في ثقب أسود! وزيادة في السهولة، هناك ثقب أسود يقبع في قلب مجرّتنا (درب التبانة)، وليس مفهوماً لماذا لم يلتهم المجرة بأكملها لحد الآن.
 
المصدر: جريدة الحياة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد