مقالات ودراسات » حدود قدرة داعش في استغلال الإعلام للتأثير على الرأي العام

نظمت وحدة دراسات الرأي العام والإعلام بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، الأربعاء (11 مارس 2015)، حلقةً نقاشيةً بعنوان 'بين التأثير والتهويل: استخدام داعش لوسائل الإعلام' بهدف مناقشة عددٍ من التساؤلات حول قدرة استخدام تنظيم 'داعش' لوسائل الإعلام التقليدية والحديثة بهذا الشكل الذي يُشير إلى وجود إمكانيات مادية هائلة وكوادر مهنية مدربة، وحدود قدرته على التأثير في الرأي العام من خلال المحتوى المقدم، وكيف يمكن مواجهة التنظيم إعلاميًّا؟.
أدار حلقة النقاش الأستاذ السيد ياسين مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وقدم الورقة الرئيسية الأستاذ ياسر عبدالعزيز الخبير الإعلامي، وعقب عليها كل من الأستاذ نبيل عبدالفتاح الكاتب والصحفي، ودكتور صفوت العالم الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والعقيد خالد عكاشة الخبير الأمني، والأستاذ منير أديب الباحث في شئون الحركات الإسلامية.
أشار الأستاذ ياسر عبدالعزيز في كلمته الأساسية إلى أن ثمة مقولات قيد التسليم بها لا بد من مراجعتها لمعرفة السياق الذي وجد فيه تنظيم الدولة الإسلامية 'داعش'، أولها: أن الدول الغربية ضد التطرف الذي يمثله 'داعش' وتحارب الجماعات الإرهابية، حيث العديد من الإشارات التي تدل على تورط أطراف دولية في دعم جماعات إرهابية لتحقيق مكاسب سياسية، وثانيها: أن ما تفعله داعش بعيدٌ عن الواقع الذي نعيش فيه، إذ إن ما يمارسه داعش من عنف إنما هو امتداد لثقافة متشددة ترعاها عدد من الدول، وثالثها: أننا بحاجة لتجديد الخطاب الديني، لكننا بحاجة إلى تجديد الدين ذاته وليس الخطاب فقط، ورابعها: أن هناك قرارًا دوليًّا بمحاربة داعش، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، ولا توجد ثمة استراتيجية دولية للقضاء على التنظيم، وخامسها: أن المجال الإعلامي هو مجال تأثير ومحط نفوذ دائم لتيار فكري معين، وذلك نظرًا لوجود عددٍ من المنصات الإعلامية غير التقليدية التي تعتمد على التشاركية لا الأحادية في طرح الأفكار، وبعيدة كل البعد عن سيطرة طرف ما سيطرة كلية، والمتمثلة في الفضاء الإلكتروني.
كما أكد عبدالعزيز أن الإعلام ليس أداةً ثانوية لدى داعش، بل إنه أداة رئيسية ضمن البنية الاتصالية التي شكلها التنظيم، وأنه أحد أهم أدوات الحرب لدى داعش، يوظفها ضمن استراتيجية متكامله تتسم بالمركزية، ووفرة الاموال، وفرص السيطرة على المجال الاتصالي؛ حيث يقوم التنظيم بتسجيل أسماء الصحفيين العاملين على الأراضي الخاضعة له، ويشترط لممارسة عملهم حصولهم على تصاريح خاصة بذلك، وقبل التصاريح إعلان هؤلاء الصحفيين البيعة لأمير التنظيم. مشيرًا إلى أن التنظيم قد استطاع استخدام كافة وسائل الإعلام لخدمة وتحقيق أهدافه، حيث القنوات الفضائية، والمحطات الإذاعية، والمجلات الورقية والإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي.
واختتم الأستاذ ياسر عبدالعزيز كلمته بالتأكيد على أن التعامل مع داعش ليس بالقيمي في الأساس، وإنما لا بد من وجود حلول أمنية تتمثل في المراقبة الاختراقية للعناصر المتعاطفة مع التنظيم، وأولئك الذين يسافرون إلى مواقع سيطرة التنظيم، وكذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع بث وتداول مقاطع الفيديو التي تحض على الكراهية والعنف والتحريض، والتركيز على سلاح السخرية الذي لم يثبت إلا فاعليته حتى الآن من خلال الإعدام المعنوي للفكرة أو الشخص التي يتم السخرية منه.

ظواهر الجيل الرابع
وفي تعقيبه، أشار الأستاذ نبيل عبدالفتاح إلى أن داعش يُمثل أبرز ظواهر الجيل الرابع من الحروب، وأن توظيفه لوسائل الإعلام الحديثة إنما هو امتداد للاستخدام الرقمي لتنظيم القاعدة، مؤكدًا أن الجيل الثالث من المهاجرين إلى أوروبا والمتحولين دينيًّا هم الفئات الأكثر تأثرًا بأفكار التنظيم، وأن نمط التجنيد الرئيسي لتنظيم داعش قد أصبح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بدلا من الاتصال المباشر الذي ساد في السابق.
من جانبه، أشار الدكتور صفوت العالم إلى أن ثمة مسارين أساسيين لا بد من فهمهما للوقوف على مدى قدرة التنظيم على الاستخدام الأمثل للإعلام. الأول هو رؤية كمية لاستخدام التنظيم للإعلام، والتي يلاحظ منها أن الأخير قد وظّف سبع أذرع إعلامية لبث رسالته حول العالم، تتنوع بين القنوات الفضائية، والإذاعات، والصحف، ومكاتب الاتصال على الأرض. والثاني هو ارتباط الوسيلة بالنص والهدف، حيث يلاحظ استعانة التنظيم ببعض النصوص الدينية ونزعها من سياقها لتوظيفها في تبرير ما يمارسونه من عنف يهدفون منه إلى بث الرعب والرهبة في نفس المتلقي.
أما العقيد خالد عكاشة فقد أكد بدوره أن الإعلام سلاح أساسي لتنظيم داعش، وليس مكملا أو ثانويًّا، وليس الهدف منه مجرد استجلاب المؤيدين، مشيرًا إلى أن وسائل اتصال التنظيم تتعدى استخدام الإعلام، بل امتدت لتأطير علاقات مع التنظيمات الجهادية الأخرى، وهو ما يُشير إلى أن استراتيجية داعش على الأرض قد وضعت من قبل خبراء، كما هو الحال في تعامل التنظيم مع الإعلام.
في تعقيبه أشار الأستاذ منير أديب، إلى أن ثمة تنسيقًا واضحًا بين داعش في الخارج وعناصره في الداخل المصري، وقد ظهر هذا التنسيق والاتصال عقب العمليات الإرهابية التي تحدث في سيناء، والتي تبث عقبها مقاطع فيديو وصور توضح كيفية استهداف القوات الأمنية في سيناء، على درجة عالية من الحرفية، وذلك في نفس التوقيت الذي تقوم فيه السلطات المصرية بقطع الاتصالات في سيناء عقب العمليات الإرهابية، مما يُشير إلى إمكانية بث هذه الفيديوهات من خارج مصر.

المصدر: المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية ـ القاهرة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد