مقالات ودراسات » الدعاية الإلكترونية: دور شبكات التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية

نظمت وحدة دراسات الرأي العام والإعلام في المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، يوم الأربعاء الموافق 10 سبتمبر 2014، حلقة نقاش بعنوان 'الدعاية الإلكترونية: استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية'. الحلقة استهدفت مناقشة عدد من التساؤلات التي تدور حول قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على ترجيح كفة أحد الأحزاب السياسية والمرشحين في الانتخابات البرلمانية القادمة، وما هي محددات هذه القدرة إن وجدت؟ وهل يمكن الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي كآلية للتواصل مع كتلة الناخبين كبديل للتواصل المباشر معهم؟.
أدار حلقة النقاش السفير د. عزمي خليفة، المستشار الأكاديمي للمركز الإقليمي، وقدم والورقة الرئيسية فيها: أحمد الشورى أبو زيد، مدرس العلوم السياسية المساعد بجامعة أسيوط، وقام بالتعقيب عليها: عصام شيحة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، و محمود إبراهيم، الخبير في إدارة الحملات الانتخابية الإلكترونية، ود. يسري العزباوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
وظائف شبكات التواصل الاجتماعي:
أشار أحمد الشورى في عرضه للورقة الأساسية إلى تعدد وظائف شبكات التواصل الاجتماعي في إدارة الحملات الانتخابية:
أولا- الوظيفة الإخبارية، عبر تكوين الصورة الذهنية عن المرشحين، ومن خلالها يتم التعريف بالمرشح أو الحزب.
ثانيا- الوظيفة الاتصالية، والتي تتمثل في التفاعل مع الناخبين، وهي إحدى المميزات التي وفرها الإعلام الجديد، حيث يمكنه معرفة اتجاهات الناخبين وتطلعاتهم قبل الانتخابات.
ثالثا- الوظيفة التعبوية، حيث يتم تحويل الناخبين إلى فاعلين أساسيين في الحملة الانتخابية عن طريق التبرع بالوقت والجهد والمال.
رابعا- إدارة حملات مضادة، وذلك من خلال إطلاق الشائعات للتأثير على سمعة المرشح، وبالتالي يحرص عدد من المرشحين على مواجهة الشائعات التي تهدف إلى إحداث اهتزاز في مصداقية المرشح.
وأكد الشورى على التجربة الرائدة في مجال استخدام الإعلام الحديث بشكل عام وشبكات التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي هذا السياق تناول حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2008 كنموذج، مشيرًا إلى أن هذه الحملة سعت إلى استغلال السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي كانت تمر به الولايات المتحدة في ذلك الوقت من أجل تقديم أوباما للناخبين على أنه شخصية ملهمة لديه رؤية نافذة للمستقبل، وإظهاره كرجل عائلة، بعكس الانطباع الأمريكي عن الرجل الإفريقي الذي لا يهتم بالأسرة.
كما حاولت حملة أوباما- كما يشير الشوري- جذب أكبر عدد من الجمهور من خلال صفحات غير رسمية عدة مثل: 'نساء تدعم أوباما'، 'شباب يدعمون أوباما'، و'طلاب يدعمون أوباما'. بالإضافة إلى سعي الحملة لتوظيف مواقع التواصل كوسيلة لتعبئة الناخبين، حيث أتاح موقعه الإلكتروني وضع عدد من الروابط بما يشجع الزوار على التواصل مع مجموعات إلكترونية مصنفة وفقًا للمكان، ومن أبرز صور توظيف الحملة لشبكات التواصل ما تم في جمع التبرعات، حيث تمكن أوباما من جمع حوالي نصف مليار دولار تبرع بها حوالي 6.5 ملايين متبرع.
تجارب حملات السيسي وحمدين
وتطرق الشورى إلى الواقع المصري، وتجارب حملتَي الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمرشح الرئاسي حمدين صباحي، مشيرًا إلى أن انتخابات الرئاسة 2014 قد أثارت حالةً من الفوران بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعلنت الحملة الانتخابية للسيسي عن تواصل مرشحها مع مؤيديه، والرد على أسئلتهم عبر هاشتاج '#تحيا_مصر'، وعلى الجانب الآخر دشنت حملة المرشح الرئاسي حمدين صباحي هاشتاج '#هنكمل_حلمنا'، #واسأل_حمدين على موقع التواصل الاجتماعي 'تويتر'، ليجيب على أسئلة واستفسارات أنصاره ومحبيه، وأصبح الهاشتاجان يتنافسان على موقع الصدارة على الفيسبوك وتويتر.
وفي الوقت الذي تركزت فيه حملة صباحي على تويتر والفيسبوك، فإن الجديد هو استخدام حملة السيسي لشبكات اجتماعية جديدة للوصول إلى جماهير جدد خلال الدعاية الانتخابية، ومن بينها &laqascii117o;إنستجرام"، و&laqascii117o;جوجل بلس"، كما طرح برنامجه الانتخابي قبل ساعة 72 من التصويت عبر أنظمة تشغيل أندرويد وآبل.  وفي ضوء هذه الحملات، كان هناك أكثر من 3 ملايين متابع للصفحة الرسمية لحملة السيسي على فيسبوك مقابل أكثر من 672 ألف متابع لصفحة الحملة الرسمية لصباحي.
وأشار الشورى إلى أن الحملتين قد استخدمتا الوظيفة التعبوية لمواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الدعوات لتنظيم سلاسل بشرية، وعرض صورها على الموقع الرسمي والصفحات الخاصة بالحملة، وهي الطريقة التي استخدمتها حملة السيسي، في حين دشنت حملة صباحي فعاليات عبر صفحاتها لاجتذاب ناخبين جدد، من بينها حملة 'خمسة في خمسة' لدعم مرشحها، بموجبها يقوم كل مؤيد لحمدين بإقناع 5 من أصدقائه بانتخابه.
مشكلات المرشحين في البيئة الافتراضية
من جانبه أشار عصام شيحة في تعقيبه، إلى أن ثمة اختلافًا كبيرًا بين التجربتين في مصر والولايات المتحدة، من حيث البيئة السياسية والاقتصادية والمزاج العام للجماهير، مؤكدًا أنه لا يمكن التيقن من الاستفادة من قدرات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة -سابقة الذكر- في مصر، وأن الوظيفة التعبوية في الواقع المصري ليست بالمؤثرة، لا سيما إذا ما قادنا الحديث إلى الانتخابات البرلمانية التي تختلف جذريًّا عن الانتخابات الرئاسية، فيما يخص استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة للترويج للمرشحين.
وبحسب شيحة، فلا يمكن الاعتماد على التبرعات التي يحصل عليها أي مرشح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فمن جانب يشعر المرشح بحرج عند طلب الدعم المالي، ومن ناحية أخرى لا يحبذ الناخب أو المؤيد فكرة دفع المال للمرشح الذي يُنتظر أن يقدم هو الخدمات لا أن يتلقاها، بعكس وظيفة الحملات المضادة، فهي سريعة التأثير، وفعاله، في ظل غياب آليات التحقق من الأخبار والشائعات.
وأشار إلى أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة للترويج في الحملات الانتخابية يمكن استخدامها كوسيلة لسرقة الأفكار وعدم الابتكار بين المرشحين من خلال النقل الحرفي للأفكار التي تلاقي استحسانًا جماهيريًّا من صفحة أحد المرشحين، فيما تُعد في الوقت نفسه وسيلةً للإفلات من قوانين اللجنة العليا للانتخابات، لا سيما فيما يخص فترة الصمت الانتخابي. مؤكدًا في النهاية أن شبكات التواصل الاجتماعي لا يمكن استخدمها كوسيله وحيدة للترويج للمرشحين أثناء حملاتهم الانتخابية، والاستغناء عن الوسائل الأخرى التقليدية.
بدوره أكد أ. محمود إبراهيم، أن السياق العام للاستعانة بالحملات الإلكترونية يؤثر بشكل كبير على نتائج استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للناخبين، وأن الاستفادة القصوى من هذه الوظيفة تعتمد على القدرة وليس فقط على زيادة عدد المؤيدين، وإنما تحسين ودعم موقفهم، وتعزيز صورة المرشح، والتركيز على إيجابياته العملية والشخصية التي يُمكن أن تخدم وظيفته الجديدة المرتقبة. وأضاف أنه لا يمكن الاعتماد فقط على الترويج الإلكتروني، ولا بد من التواجد على الأرض، وإلا سيُفاجأ المرشح بواقع مختلف في اللجان الانتخابية. كما أشار إلى أهمية الإجابة على عددٍ من التساؤلات قبل بدء حملة إلكترونية لمرشح ما، حول الجمهور المستهدف من الحملة، ورصد اتجاهات التصويت التقليدي لهذه الفئة المستهدفة.
مقارنة مصر والولايات المتحدة ' غير منصفة'
وفي تعقيبه أشار د. يسري إلى أن المقارنة بين مصر والولايات المتحدة غير منصفة لمصر في هذا المجال، لعدة اعتبارات، أهمها البيئة السياسية، مؤكدًا أنه لا بد من رصد ومعرفة المزاج المصري الذي تعمل فيه وسائل التواصل الاجتماعي على الترويج للمرشحين، وذلك لضمان مخاطبة هذه الحملات لمتطلبات الشارع واحتياجاته.
وأكد أنه في الانتخابات البرلمانية القادمة سيكون دورُ وسائل التواصل الاجتماعي مختلفًا عن الدور الذي لعبته في الانتخابات الرئاسية، سواء في عامي 2012 و2014، لا سيما إذا نُظر إلى مصير أكثر الأحزاب السياسية المصرية نشاطًا على شبكات التواصل الاجتماعي وهو الحزب الوطني الذي لم يستطع -رغم انتشار كوادره على صفحات الفيس بوك- قياسَ اتجاهات الشارع، وتقييمه للحزب، أو التنبؤ بأي حركات على الأرض كان يمكن أن تؤخذ كمؤشر لما حدث في 25 يناير.
وأشار أيضا إلى أن التواجد على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالحملات الانتخابية لا تعبر نهائيًّا عن نسبة المشاركة السياسية الفاعلة في الصناديق، وأن مستقبل الاعتماد على وسائل الإعلام الاجتماعي على الانترنت يعتمد على نمط الاستخدام لهذه المواقع من قبل الجماهير، والمستوى الثقافي للمستخدمين، والمناخ العام السائد في المجتمع.
المصدر: المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد