المقتطف الصحفي » ’نقابة الفنانين في سوريا‘: خانات خالية

- صحيفة 'السفير'
روز سليمان

اللجوء إلى محرّك 'غوغل' بحثاً عن معلومات تخصّ نقابة الفنانين السوريين، أمر غير مجدٍ البتة. فبمجرد كتابة عبارة 'نقابة الفنانين في سوريا' داخل محرّك البحث، تظهر للزائر، كإحدى أهم الخيارات المتاحة، صفحة الموقع الرسمي لـ'نقابة الفنانين في الجمهوريّة العربيّة السوريّة'. اضغط الرابط، وها أنت في ضيافة النقابة افتراضياً! وإن كنت تأمل بأن تجد هنا المعلومات الكافية والوافية عن النقابة العريقة، وعن أنشطتها، أو روابط للتعريف بأهمّ إنجازات أعضائها، وبمنجزات النقابة خلال أزمة تمزّق سوريا وتشتّت فنّانيها.. فإنّ أملك سيخيب.
في رأس الصفحة، مَهَر مصمّم الموقع حرفَيْ 'نون' و'فاء' بالخطّ العريض. وفي صدر الصفحة، يطالعنا خبر وفاة الفنان السوري طلحت حمدي، وكُتِب فيه حرفياً (نبقي هنا على الأخطاء الإملائيّة كما وردت على الموقع): 'نقابة الفنانين في الجمهورية العربية السورية تنعي إليكم وفاة الفنان طلحت حمدي صباح الثلائاء في العاصمة دمشق عن عمر ناهز 74 عاماً، (...) و فارق الحياة و في حصيلته 59 عملا توزع على المسررح و الدراماو السينما'. وعلى الرغم من عطاء حمدي الكبير للفنّ في بلاده، إلا أنّه لا يوجد مبرّر فعلي للإبقاء على خبر وفاته في صدر الصفحة الرسميّة موقع النقابة، بعد عام كامل على رحيله في 4 كانون الأول من العام الماضي. وكأنّ النقابة تصرّ على أن يبقى وفاة فنان أشبه بالمشاع على الأقل من الناحية الزمنية. وكأنه سيكون على طلحت حمدي، أن يُتوفَّى في كل لحظة. مع العلم أنّ حمدي هو من أوائل الفنانين السوريين الذين انضمّوا إلى نقابة الفنانين عند تأسيسها العام 1968، حين انتخب دريد لحام رئيساً للمجلس النقابي، وعلي عقلة عرسان أميناً للسرّ.
خانة 'أهداف النقابة' على الموقع مساحة خالية، وكذلك الأمر بالنسبة لخانات أخرى منها 'قسم الروّاد'. في خانة 'أعضاء المجلس المركزي' نقرأ أسماء هؤلاء واحداً تلو الآخر، بدءاً بالنقيبة الممثلة فاديا خطاب، مروراً بنائبها الممثل محسن غازي، وصلاً إلى الممثل سلوم حداد مسؤول 'العلقات الدوليّة' كما ورد على الموقع.. ولأنّ المعلومات التي تخصّ نقيبة الفنانين سريّة على ما يبدو، فإنّ خانة التعريف بها خالية أيضاً، رغم أن خطّاب انضمّت إلى نقابة الفنانين منذ العام 1982، ولديها رصيد مهني ونقابي، كافٍ لكتابة توصيف يلخّص مسيرتها على موقع النقابة، خصوصاً أنّها أوّل امرأة تتولى ذلك المنصب.
الحال على أرض الواقع لا تختلف كثيراً عن شكل الموقع الالكتروني الرسمي للنقابة. ففي الآونة الأخيرة ابتعد عدد لا بأس به من الفنانين عن نقابتهم. 'فقدنا التواصل وأحسسنا بعدم الجدوى'، يردِّد بعضهم. وللمفارقة، فإنّ كلّ الخانات الخاصّة بأعضاء النقابة على الموقع خالية، وستحصل على صفحة بيضاء إن نقرت خانات 'ممثلات'، 'مخرجون'، 'مهن موسيقيّة...'. باستثناء خانة 'ممثلون' والتي يقتصر محتواها على من تبدأ أسماؤهم بحرف الألف فقط.. ما هو واضح إذاً أن أسماء أعضاء المجلس المركزي أَوْلى بالتحديث من أسماء الفنانين بكل اختصاصاتهم. أو أنّ المسؤول عن تحديث الموقع الرسمي، أكسل من أن يتولّى مهمة تنزيل الأسماء الباقية. أو كأنّه اعتزل العمل منذ عامين، خصوصاً أنّنا لا نجد على شريط الأخبار المتحرّكة على يسار الصفحة، سوى أخبار تعود للعام 2011.
هذا الشكل 'الميت' للموقع الرسمي لنقابة الفنانين السوريين، ليس إلا جزءاً بسيطاً من خراب مهني وثقافي يأكل النقابة، في خضمّ الأزمة التي تعصف بسوريا منذ عامين. غياب النقابة عن ساحة الفعل يعدّ أمراً فاضحاً، خصوصاً بعد رحيل عدد كبير من الفنانين الكبار، ومقتل بعضهم الآخر. ورغم كلّ هذا الواقع المزري، ما زالت النقابة تعرّف عن نفسها على موقعها الرسمي كالتالي: 'نقابة مهنية تعنى بشؤون الفنانين الفنية والاجتماعية والثقافية، وترعى مصالحهم أمام الجهات الرسمية والخاصة وتدافع عن حقوقهم أمام أرباب الأعمال'... فمتى ستقرّر النقابة الخروج من القمقم، كي لا تبقى مجمّدة ومعطّلة وغير فاعلة، تماماً كمعظم الخانات الخالية على موقعها.

* موقع النقابة:

www.artists-syria.com

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد