المقتطف الصحفي » لسان العرب في العام 2013: «الأزمة» ملكة على الإنترنت

- صحيفة 'السفير'
ملاك حمود

&laqascii117o;فشل"، و&laqascii117o;وسم"، و&laqascii117o;تجسّس".. تلك كانت العبارات الأكثر تداولاً على الشبكة في العام 2013، بحسب شركة &laqascii117o;غلوبال لانغويدج مونيتور". الشركة المعنيّة بتحليل ورصد استخدامات اللغة الإنكليزية حول العالم، سلّطت الضوء مؤخراً على أهم وأوسع الكلمات انتشاراً، في تقرير نشرته على موقعها. وبحسب التقرير فإن رقم &laqascii117o;404" جاء في المرتبة الأولى، وهو يمثل رمزاً عالمياً للأخطاء والمشاكل التقنية على الإنترنت. وجاءت كلمة Fail أو &laqascii117o;فشل" في المرتبة الثانية، فيما حلّت كلمة &laqascii117o;هاشتاغ" أي &laqascii117o;وسم" في المرتبة الثالثة. واحتل مصطلح &laqascii117o;تجسّس" المرتبة الرابعة، بعد فضيحة وكالة الأمن القومي التي كشف عنها إدوارد سنودن.
هذا على صعيد العالم.. فماذا لو سقنا تجربةً مماثلةً للبحث عن أبرز المصطلحات المستخدمة على الشبكة، باللغة العربيّة؟
في بداية العام 2011، نشرت مجلّة &laqascii117o;فورين بوليسي" الأميركية مقالاً بعنوان &laqascii117o;ربيع أوباما العربي". كان ذلك أوّل استخدام لمصطلح &laqascii117o;الربيع العربي"، الذي ارتبط بأكثر من حراك شعبي عربي، أدّى إلى إسقاط أنظمة حُكم أو التوافق على تغييرها. انتشر التعبير الجديد بسرعة بين المدوّنين والصحافيين في الولايات المتحدة، حتى أصبح مُعتمداً لدى البيت الأبيض. لم يوفّر روّاد الإعلام الجديد ركوب موجة المصطلحات التي أخذت تتنامى ليكبُر معجم اللغة الجديدة بكلمات قد لا تزول بزوال الحقبة.
تلك كانت البداية التي وفّرت الأرضيّة الصلبة لمعجم راهن، لم تكتمل فصوله بعد. فالنواة الهشّة لـ&laqascii117o;الديموقراطية" المنشودة ما زالت مصطلحاً يجري التداول به على الجدران الافتراضية، تماماً كـ&laqascii117o;الحرية"، وما يرافقها من مرادفات &laqascii117o;الأزمة" في سوريا. &laqascii117o;الأزمة"، هو المصطلح المُعتمد لتوصيف &laqascii117o;الحرب" السوريّة، أو &laqascii117o;الحراك"، أو &laqascii117o;الثورة"، أو &laqascii117o;الأحداث"، أو &laqascii117o;الحرب الأهليّة"... تلك بعض المسميّات المختارة لما تشهده سوريا منذ عامين ونصف العام. ثمّ فاض الفضاء الافتراضي بـ&laqascii117o;داعش" و&laqascii117o;النصرة" و&laqascii117o;الألوية" و&laqascii117o;الأحفاد" و&laqascii117o;الله أكبر"، و&laqascii117o;الشريعة"، لتشعر أنّك في مسرحية تاريخية تدور أحداثها في القرن السادس.
حسناً، سنقول كلمة &laqascii117o;أزمة"، ونعيدها. سنحفظها عن ظهر قلب، تماماً كما نحفظ أسماءنا وتواريخ ميلادنا. سنقول مصطلح &laqascii117o;انفجار" مع كل التفاتة، حتى يُصبح، ذلك المصطلح (الحالة)، جزءاً لا يتجزأ من يوميّاتنا المُملّة. ما تقدّم ليس خياراً، وليس لُغة السوق. إنه الإعلام في مواجهة العقل البشري. الإعلام الجديد كجزء من الوعي والثقافة اليومية. الصُحف كوظيفة لنشر المعلوم والإضاءة على المجهول. التلفزيون، كحالة عامّة، خصوصاً للوعظ والتثقيف. إنه جحيم المصطلحات أو جنّتها. إنه التداول الذي ولد في بورصة الإعلام الجديد وعلى الجُدران الافتراضية التي تُشبه الواقع حدّ التشكيك بالفارق الزمني بين الوجود الفعلي ونظيره الافتراضي.
خلف الشاشة معجم مصطلحات يتغيّر بحسب الأحداث ومدى تطوّرها. &laqascii117o;انفجار" و&laqascii117o;سيارة مفخّخة"، مصطلحان باتا من الثقافة اليومية للمواطن اللبناني الذي بعد كلّ انفجار، موعد الانفجار التالي الذي تضجّ فيه وسائل الإعلام جمعاء فيكبر قلبه حتى ينفجر من كثرة البكاء... أو الضحك. فوبيا الانتحاريين أشدّ فتكاً في نفوس اللبنانيين. ويبدو ذلك واضحاً من خلال متابعة صفحات &laqascii117o;فايسبوك" وحسابات &laqascii117o;تويتر"، والمشي ليلاً في شارع الحمراء.
في العالم المتغيّر والمنفتح على الإعلام الجديد، يفرض الانتقال الزمني من حقبة إلى أخرى متغيّرات في طرق توجيه الرأي العام، والتواصل. متغيّرات تنطوي بالضرورة على اللغة وطريقة استخدامها وصولاً إلى المصطلحات المعتمدة تناغماً مع الوضع القائم في أيّ بلد من البلدان. توفِّر تلك المصطلحات الأرضيّة الصلبة لتنامي فكر جديد، أو مشهد عام جديد، حاصرته عربياً مصطلحات &laqascii117o;الأزمة"، و&laqascii117o;الدماء"، و&laqascii117o;القتلى" في العام 2013.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد