- 'الأخبار'
المحكمة الدولية: هل قلت استقلالية؟
داود خير الله (أستاذ في القانون الدولي في جامعة جورج تاون في واشنطن):
الثقة باستقلالية المحكمة، أيّ محكمة، هي من أسس شرعيتها والقوّة المعنوية التي تفرض طاعة قراراتها واحترامها. ويسري ذلك خصوصاً على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
إنّ رغبة أصحاب قرار إقامة المحكمة في بلوغ العدالة، ومدى تجرّدهم من المآرب الخاصة، سياسية أو سواها، اللذين ينعكسان في الإجراءات التي تعتمد في إنشاء المحكمة، يؤديان دوراً مهمّاً في تكوين النظرة إلى استقلالية المحكمة وكفاءة أعضائها ونزاهتهم، وخاصة لدى المجتمع المعني بالدرجة الأولى باستقلالية المحكمة وقدرتها على بلوغ العدالة. ولكن أهمّ العوامل التي تعزّز الثقة باستقلالية المحكمة ونزاهتها، أو تضعفها، تكمن في سلوك القيّمين على أعمال المحكمة. نبدأ بالاتهامات والأحكام التي كان يطلقها مسؤولون رسميون في الدول التي لا مشيئة لمجلس الأمن خارج مشيئتها. دول كان لها اليد الطولى في إقامة لجنة التحقيق أوّلاً، ثم المحكمة الخاصة بلبنان. سيقت تلك الاتهامات بحقّ أطراف معيّنة منذ اللحظة الأولى لاغتيال الرئيس الحريري، وقبل إجراء أي تحقيق أو الحصول على أيّ أدلّة. وإذا أضفنا التصريحات التي كانوا يدلون بها بشأن المتوقع من المحكمة بعد إنشائها، نرى أنّ في ذلك ما يثير الشكوك. شكوك في أنّ وراء الإجراءات القضائية، التي اتخذت إثر اغتيال الرئيس الحريري، بما فيها المحكمة الخاصة بلبنان، مآرب تتعدّى الرغبة في بلوغ العدالة.
تتعزّز هذه الشكوك عندما نلاحظ أنّ جهود الدول صاحبة القرار في مجلس الأمن تنصبّ على إقامة محكمة دولية هدفها محاكمة مسؤولين عن جريمة لا تعريف لها، ولا عقوبة في القانون الدولي. عقوبة يطبّق بشأنها القانون الوطني حصراً ـــــ في وضعنا القانون اللبناني ـــــ وذلك استثناء لجميع الحالات السابقة لجهة المحاكم الخاصة التي أنشأها مجلس الأمن في الماضي. ونلفت هنا إلى أنّه لو أحال مجلس الأمن جريمة اغتيال الرئيس الحريري على محكمة الجنايات الدولية، لردّتها لعدم الاختصاص، لأنّ الجريمة موضوع المحاكمة ليست من الجرائم الدولية الواردة في النظام الأساسي للمحكمة، فيما نرى أنّ مجلس الأمن يتجاهل مجرّد التحقيق في جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية موثّقة، وتقع بطبيعتها في صلب القانون الدولي الجنائي، وهي مبرر إقامة جميع المحاكم الدولية التي سبقت المحكمة الخاصة بلبنان. هذه الجرائم ارتكبتها إسرائيل بحقّ آلاف اللبنانيين، في فترة تلت اغتيال الرئيس الحريري وسبقت إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان، أي في عام 2006.
لأول مرّة، ومن المستبعد جدّاً أن تتكرّر، يلجأ مجلس الأمن إلى الفصل السابع من الميثاق الأممي لإنشاء محكمة أساسها القانوني اتفاقية غير مستوفية الشروط الدستورية لإبرامها، إن لجانب الجهة الصالحة للتفاوض بشأنها، أو لجهة الموافقة عليها من قبل السلطة التشريعية، كما ينصّ دستور الدولة التي هي الطرف الأساسي في هذه الاتفاقية. ولأوّل مرّة، يقيم مجلس الأمن محكمة دولية بموجب الفصل السابع، لا تنظر في جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية. جرائم دأب مجلس الأمن، وكذلك فقهاء القانون الدولي، على اعتبارها المبرّر الأساسي لصلاحية مجلس الأمن في إقامة محاكم جنائية دولية بموجب الفصل السابع من الميثاق.
ولأوّل مرّة، يلجأ مجلس الأمن إلى الفصل السابع من الميثاق في إقامة محكمة دولية لا تموّل من الموازنة العامة للأمم المتحدة، بل تتولّى تمويل المحكمة، إضافة إلى لبنان طبعاً، دول متطوّعة في طليعتها الدول صاحبة الجهد الأكبر في إنشاء المحكمة، ما يطرح علامة استفهام إضافية بشأن استقلالية المحكمة وديمومتها.
كيف لعاقل أن يفوته التساؤل عن مبرّر الجهود الاستثنائية من قبل بعض الدول، وفي طليعتها الولايات المتحدة، التي دفعت مجلس الأمن إلى الخروج عن قواعد التزمها طوال عقود من الزمن في إنشاء المحاكم الدولية الخاصة، وكذلك إلى الخروج عن قواعد ثابتة في القانون الدولي العام؟
فالجريمة هي في الدرجة الأولى ضدّ الشعب اللبناني، ولا تعني المجتمع الدولي إلا على نحو ثانوي. ولا يمكن القول إنّ ضغوطاً شعبية، على الصعيد الوطني لهذه الدول، أو على الصعيد العالمي، هي التي حتّمت اتّخاذ الإجراءات القضائية التي اتخذت بشأن اغتيال الرئيس الحريري، كما حصل أثناء المجازر، التي امتدّت في الزمان والمكان، في يوغوسلافيا سابقاً وراوندا، وسواهما من الدول التي أقيمت من أجلها محاكم دولية خاصة.
أوجه الشبه عديدة بين اغتيال الرئيس الحريري وبينظير بوتو، رئيسة وزراء باكستان سابقاً، ولكنّ اغتيالها لم يلق اهتماماً مماثلاً من قبل مجلس الأمن الدولي.
ليس الهدف هنا الاسترسال في تقديم الأدلّة على أنّ الدوافع الأساسية وراء إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان هي سياسية. فما جاء ذكره أعلاه هو غيض من فيض، لكنّه لا يسمح لذي عقل سليم بأن يتصوّر أنّ بلوغ العدالة هو هدف جهود الدول صاحبة القرار في مجلس الأمن، بالنسبة إلى كلّ الإجراءات القانونية التي اتخذت بشأن اغتيال الرئيس الحريري وجميع الذين سقطوا معه أو اغتيلوا من بعده.
إذا كان ما تقدّم يمثّل مادة للاقتناع بأنّ الدوافع وراء إنشاء المحكمة هي سياسية بامتياز، إلّا أنّه لا يقدّم الدليل القطعي على عدم استقلالية المحكمة، فذلك يستدعي إمعان النظر في سلوك القيّمين على أعمال المحكمة.
هنا أودّ بداية التفريق بين مرحلتين في عمل المحكمة: مرحلة التحقيق، ومرحلة المحاكمة. ففي المحاكمة العلنية ضمانات غير متوافرة في مرحلة التحقيق، السرّي بطبيعته. وإذا كنّا نعرف أو نستطيع أن نستقي المعلومات عن السيرة الذاتية لقضاة الحكم، بما في ذلك الخبرة والكفاءة والسمعة الحسنة، وأن نراقب عملهم، فإنّنا، باستثناء المدّعي العام ربّما، في ظلمة تامة في ما يتعلّق بالذين يتولّون التحقيق، وخاصة لجهة انتماء وولاء عشرات المتعاقدين مع المدّعي العام. متعاقدون يتولّون عمليّات التحقيق الميداني، لا نعرف إذا كانت لهم ارتباطات بحكومات أو مؤسسات، ذات مصلحة في توسّل اغتيال الرئيس الحريري لمآرب سياسية معيّنة. ما نعلمه هو أنّ جميع هؤلاء يعملون تحت ستار السرّية ويتمتّعون بحصانة من أيّ مراجعة قضائية.
وبما أنّ المحكمة أعلنت مراراً استقلاليتها، بما هي محاكمة وقضاة حكم، عن التحقيق ومن يتولّونه، وبما أنّ المحاكمة لم تبدأ بعد، وسينصبّ عملها على نتائج التحقيق، نرى أنّ النظر في استقلالية الإجراءات القضائية ونزاهتها، في ما يتعلّق باغتيال الرئيس الحريري، يجب أن ينحصر الآن في مرحلة التحقيق. وبما أنّ عمل المحكمة في مجال التحقيق هو امتداد لعمل لجنة التحقيق الدولية، التي أنشأها مجلس الأمن بقراره الرقم 1595، وأنّ المدّعي العام لدى المحكمة الذي يشرف الآن على التحقيق كان آخر رئيس للجنة التحقيق الدولية، فلا بدّ من أن نمعن النظر في مدى مهنية ونزاهة واستقلالية المسؤولين عن التحقيق منذ بدايته.
كان هناك تجاوزات ذات أهداف، ارتكبتها لجنة التحقيق الدولية، بقيادة ديتليف ميليس، أوّل رؤسائها. من هذه التجاوزات مخالفة معظم قواعد التحقيق الجنائي، إن لجهة انتهاك سرّية التحقيق، أو لجهة بلوغ استنتاجات قطعية في أوّل تقاريرها، من دون الاستناد إلى أيّ أدلّة مقبولة قانوناً. ومنها أيضاً، اتخاذ إجراءات لا مبرّر قانونياً لها، مثل الأمر باعتقال الضبّاط المسؤولين عن الوضع الأمني في لبنان. كلّ ذلك بهدف تعبئة الرأي العام وتوجيهه نحو الظنّ بأطراف معيّنة واستصدار قرارات من مجلس الأمن الهدف منها سياسي بامتياز. وعندما ندرك أنّ ذلك كان يجري بتناغم مع تصريحات ذات مآرب سياسية واضحة، لمسؤولين في الدول الأكثر اهتماماً بالإجراءات القانونية التي أعقبت اغتيال الرئيس الحريري، فهل في ذلك ما يدفع إلى الاطمئنان إلى استقلال التحقيق عن الإرادات السياسية التي هي سبب وجود المحكمة؟
استُغلت التسريبات التي صدرت بشأن ما زُعم أنّه تهم ووقائع بلغها المحقّقون منذ بداية عمل لجنة التحقيق الدولية. تسريبات استمرّت بعد أن استُبعدت السيادة اللبنانية عن كل ما يتعلّق باغتيال الرئيس الحريري، وأصبح التحقيق جزءاً من عمل المحكمة وتحت سلطتها الكاملة. الاستغلال كان إعلاميّاً، من قبل مسؤولين في دول ذات مصالح سياسية معروفة. فهل في ذلك ما يعزّز الثقة بمهنيّة المحققين ونزاهتهم واستقلاليتهم عن الإرادة السياسية لبعض الدول؟
وإضافة إلى فرادة المحكمة الخاصة بلبنان، مقارنة بالمحاكم الجنائية الأخرى لجهة تأليفها واختصاصها والقانون الذي يطبّق في عملها، فإنّ هناك فرادة في القواعد الإجرائية التي اعتمدتها، وخاصة لجهة التستّر على مصادر المعلومات بشأن الأدلّة التي يمكن أن تساق ضدّ المتّهمين إذا لم يشأ المصدر الكشف عن هويّته.
ثمّ أليس في تستّر المدّعي العام لدى المحكمة، السيّد بلمار، ومعارضته كشف معلومات محددّة بشأن شهود الزور، أقلّه في حدود ما أمر به قاضي ما قبل المحاكمة، ما يثير الشبهات؟ لكنّ جميع الشكوك تتبدّد، ويحلّ محلّها اليقين، عندما نقرأ في وثائق ومستندات نشرتها ويكيليكس، ولم تُكذّب، عن علاقة بين السيد بلمار ومسؤولين أميركيين ولبنانيين. فإنّ في هذه المستندات ما من شأنه أن يقضي على كلّ ادّعاء باستقلالية التحقيق في المحكمة الخاصة بلبنان. في إحدى هذه الوثائق يطلب السيد بلمار من مسؤولين أميركيين توجيهات وأسئلة محددة يودّون أن يطرحها على أشخاص سوريين، أثناء قيامه بعمله في التحقيق معهم.
إنّ مثل هذا السلوك ينفي كلّ ادّعاء باستقلالية التحقيق في المحكمة ومهنيته ونزاهته، ويسخر من توصيات مجلس الأمن بأن تلتزم المحكمة أعلى معايير السلوك المهني. وإذا كان من حرص على استقلالية المحكمة، يجب أن يعبّر عنه بالمطالبة بكفّ يد المدّعي العام لدى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وجميع الذين ارتكبوا تجاوزات يحرّمها القانون، وبإبطال نتائج التحقيق الذي أجروه.
ـ 'النهار'
المحكمة الخاصة بلبنان أمام امتحان أنها مؤسسة مستقلة؟
(مدير الشؤون الإعلامية في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت)
بقلم نديم حاصباني:
شهد لبنان أزمةً سياسيّةً تُرجِمت بسقوط حكومة سعد الحريري وتكليف نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة. كان بالإمكان تفادي التأزم الحاد لو قامت المحكمة الخاصة بلبنان بعملٍ أكثر جدية في السنتين المنصرمتين، لا سيّما لناحية التواصل. ففى ضوء التسريبات الإعلاميّة التي أشارت بأصابع الاتهام إلى افراد من 'حزب الله' كمتّهمين رئيسيين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بدءاً بصحيفة 'دير شبيغل' الألمانيّة في شهر أيار 2009 وصولاً إلى محطة CBC التلفزيونيّة الكنديّة في شهر تشرين الثاني 2010، بدت المحكمة بمظهر مؤسسة فوضوية تسمح بتسريب أكثر المعلومات سريّةً. ولا يقلّ أهميّة ما قوبلت به التسريبات من صمتٍ غير مؤاتٍ لحجم الأزمة السياسيّة التي أحدثتها. والواقع ان هذه التسريبات عملياً تضع الطائفة الشيعية في لبنان في مواجهة مع الطائفة السنية. ولم تواجه المحكمة التسريبات بالتدابير الإعلاميّة التصحيحيّة فأتت لتغذي التوتر السياسي. وغابت عن الساحة أي إستراتيجيّة تواصل جديّة وضروريّة لإدارة الأزمة كانت لتُساعد على بناء صدقية المحكمة في نظر الرأي العام اللبناني والعربي بما في ذلك في نظر أنصار 'حزب الله' وقوى الثامن من آذار، فتُمسي كياناً قانونيّاً يدحض اتهامات التسييس ويُبدّد أزمة التواصل التي تواجهها المحكمة اليوم. وعليه، يرى الرأي العام اللبناني اليوم نتيجةً لذلك أنّ التسريبات حقيقة وأنّ المحكمة ستدين 'حزب الله'. وترسخ هذا الاقتناع اليوم إلى حدِّ دفع وزراء الثامن من آذار في حكومة الوحدة الوطنيّة اللبنانيّة إلى الإستقالة وإسقاط الحكومة خشيةً أن يدعم استمرار التعاون الحكومي مع المحكمة إدانة 'حزب الله'.
كيف توالت الأحداث؟
كان حريّا بالمحكمة منذ تأسيسها أن تثبّت نفسها مؤسسةً مستقلّةً وتنأى بنفسها كليّاً عن المؤسسة التي سبقتها وهي لجنة التحقيق الدوليّة برئاسة القاضي ديتليف ميليس، والتي كان منوطا بها النظر في قضيّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهي اللجنة التي اتهمت سوريا بالاغتيال وحظيت بدعم القوى الغربية المعادية لسوريا و'حزب الله'. وفي جوّ من التوتر تشهده الساحة السياسية اللبنانيّة، كان يُفترض بالمحكمة أن توضح القواعد الأساسيّة لدورها، الذي يقضي بالنظر في جميع الخيوط والأدلّة الممكنة والمعقولة من دون استبعاد أي احتمال. ولكنّها عوضاً عن ذلك، أوحت بأنّها تستكمل عمل اللجنة من خلال المشاركة في تحقيق ذي دوافع سياسيّة يُركِّز فقط على سوريا و'حزب الله' فيما يستبعد احتمالات أخرى.
أمّا الذين استمعوا إلى كلمة السيد حسن نصر الله، أمين عام 'حزب الله'، في تاريخ 9 آب 2010 والذي أعلن فيه عن قناعته بأنّ إسرائيل وراء اغتيال الحريري، فقد لاحظوا بأنّ تتابع الأحداث التي سردها والتفسيرات التي استخدمها كسبت صدقية لدى مستمعيه بل لم تقتصر عليهم فحسب. فقد بنى نصرالله حجّته على الرصد الجوّي الإسرائيلي غير الاعتيادي للأراضي اللبنانية ولساحة الجريمة قبل عمليّة الاغتيال. وكان يجب على المحكمة أن تُعرب علناً عن استعدادٍ أكبر للنظر في الخيوط الموّثقة التي أشار إليها نصر الله في اتهامه المتلفز. ولكن عوضاً عن ذلك اكتفت المحكمة بإصدار بيان صحافي طلبت فيه الحصول على مزيدٍ من المستندات.
وانتهى الأمر بالرأي العام أن كوّن انطباعاً بأنّ المحكمة لم تنظر في الاحتمال، العزيز على قلب الكثير من اللبنانيين والعرب، وهو أنّ إسرائيل قد تكون ضالعة في اغتيال الحريري. وكان يُفترض بالمحكمة أن تبدي أكثر من مرّةٍ استعدادها للنظر في جميع الفرضيّات المطروحة على غرار أي محكمة مستقلّة ذات كفاءة. وقعت المغالطة نفسها في شهر نيسان 2009، حين قرر قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين الإفراج عن الضباط اللبنانيين الأربعة المحسوبين على سوريا سابقاً والذين تمّ توقيفهم بُعيد اغتيال الحريري. ورأى البعض أنّ عمليّات التوقيف هذه ذات دوافع سياسيّة في حين رأى آخرون بأنّ الاتهام بالتخطيط لعمليّة الاغتيال اتهام محق. وشكّل إطلاق سراح الضباط التدبير الأول في سلسلة اتخذتها المحكمة بُعيد إنشائها رسميّاً في شهر آذار 2009.لكنّ الرأي العام نظر إلى عمليّة إطلاق سراح الضباط على أنّها تدبير متابعة اتخذته المحكمة لتصويب الخطأ الذي ارتُكِبَ بالقبض عليهم في شهر آب 2005. ولم يُميّز الكثيرون في الرأي العام بين المحكمة الخاصّة بلبنان ولجنة التحقيق الدولية، وهما كيانان منفصلان. وكان يُمكن التعويل على قرار إطلاق السراح هذا للتأكيد على أنّ المحكمة لا تنطلق من دوافع سياسيّة. وفي الواقع، نقضت المحكمة قرار توقيف كانت قد اتخذته لجنة التحقيق في 2005. وكان يجب عليها أن تنتهز هذه الفرصة لكسب ثقة قوى الثامن من آذار.
أخيراً، أدّت المشاحنات الداخليّة بين قلم المحكمة وقسم التواصل في المحكمة إلى استقالة العديد من المسؤولين في هذا القسم، ما وجّه ضربة قاضيةً إلى صورة المحكمة وسمعتها. وكانت النتيجة أن تكاثرت نظريّات المؤامرة التي زادت على سمعة المحكمة السيئة سوءاً، كما تسبّبت بتوتّرٍ سياسيٍ في لبنان و بفقدان المحكمة أي إستراتيجيّة تواصل متماسكة وفعّالة في خلال السنوات الثلاث المنصرمة. فما كان يجب على المحكمة أن تدع التسريبات تظهر كحقيقة. كان يتوجب عليها صياغة سياسة إعلامية شاملة تهدف إلى حماية تصوير المحكمة للرأي العام كمؤسسة مستقلة سياسيا حيث الدفاع متاح لأي متهم والمحاكمة عادلة.
ـ 'السفير'
لبنان نحو مواجهة الثورات.. من المستفيد؟
سامي كليب:
ينبغي أخذ كلام سعد الحريري عن سلاح &laqascii117o;حزب الله" بكثير من الاهتمام، فالرجل ومعه معظم من بقي في صفوف 14 آذار يقرأون تطورات المنطقة وثوراتها على أنها ستحد لاحقا من قدرة دمشق وحلفائها اللبنانيين على التحرك في الساحة الداخلية اللبنانية، وانه بات بامكانهم استئناف شروط المواجهة التي وصلت الى ذروتها عام 2005 .ومن المنطقي جدا ربط كلام الحريري أيضا بانتعاش الحركة الاميركية صوب لبنان والمنطقة، حتى لتكاد واشنطن توحي بأنها استعادت كل خيوط لعبة الشرق الاوسط الكبير بعد فترة التخبط التي رافقت اولى بذور الثورتين التونسية والمصرية.
ثمة شعور عام في المنطقة وليس لدى فريق 14 آذار وحده، بأن كل الانظمة العربية معرضة لمفاجآت الشارع، وان لا مظلة فوق أحد. يبدو هذا الشعور صحيحا في الوقت الراهن، ذلك ان الاطاحة برئيسين عربيين في أقل من شهر وترنح ثلاث انظمة اخرى في ليبيا واليمن والبحرين، جعل كل الانظمة العربية تقريبا تسارع الى اتخاذ اجراءات اقتصادية واجتماعية عاجلة لدرء تدهور الاوضاع او مفاجآت الشارع وهو ما تقرأه قوى 14 آذار في لبنان على أنه فرصة سانحة لاستعادة دور كاد يخبو خصوصا منذ ابتعاد وليد جنبلاط عن السرب. ولكن تعميم ما جرى في مصر وتونس وما يجري في ليبيا والبحرين واليمن، على دول اخرى وبينها سوريا، قد يؤدي الى قراءات واستنتاجات خاطئة تشبه الى حد بعيد تلك المراهنات التي سيقت حيال احتمال سقوط قريب للنظام السوري في السنوات التي تلت اغتيال الحريري. صحيح ان اوضاع المنطقة ضبابية الى حد كبير وان عود ثقاب واحدا قد يشعل أي دولة، ولكن الصحيح أيضا ان ما يجري في المنطقة قد يعزز حذر بعض الدول، لا بل وقد يدفعها الى مزيد من التشدد في القضايا المتعلقة بأمنها القومي، ومن هذه الدول سوريا التي وان كانت في الوقت الراهن تراقب باهتمام شديد ما يجري في المنطقة، الا أنها في الوقت نفسه تتابع وربما باهتمام مضاعف ما يجري في لبنان لادراكها كما المقاومة بأن ثمة اطرافا خارجية من اسرائيل الى اميركا ستنتهز فرصة ما يحصل في المنطقة للضغط على دمشق.
وثمة من يقول ان النظام السوري أكثر ثباتا مما يعتقد الكثير من قوى 14 آذار وحلفائهم الدوليين، ذلك أن سوريا عرفت في السنوات الماضية انتعاشا اقتصاديا مهما وتحريرا لحركة المصارف وتخفيضا للاسعار ورفعا للرواتب، وان هذه الآلية سوف تتسارع ابتداء من الشهر الحالي، كما ان رئيسها بشار الأسد اكتسب شعبية محلية وعربية كبيرة منذ تصديه مرارا في تصريحاته او من على منابر القمم العربية لاسرائيل وتحديه لأميركا ودعمه للمقاومة اللبنانية ولغزة. وبالتالي فان المراهنة على وهنه يصب في اطار القراءات الخاطئة، ولكن ثمة من صار يروج لمقولة ان دمشق ما قبل الثورات العربية ليست دمشق ما بعدها، وان ما كان يمكن القيام به قبل شهرين صار يتطلب الكثير من الحذر حاليا. والقراءة المعمقة لكلام الحريري وما سبقه من اتصالات وزيارات اميركية مع والى لبنان، تكاد توحي بأن زعيم تيار المستقبل يتبنى الطرح الثاني وهو بالتالي يلامس مجددا الخطوط الحمر، وهذه بحد ذاتها مخاطرة كبيرة اذا ما ادركنا ان واشنطن نفسها ستكون في المرحلة المقبلة بحاجة الى ايران وسوريا لدرء مخاطر جديدة في المنطقة.
من الصعب مثلا تهدئة فعلية في البحرين او غيرها من دول الخليج والعراق بدون خطوط أميركية مع ايران، ومن الصعب أيضا انتظار أي تحرك اميركي في الشرق الاوسط خصوصا على المسار العربي الاسرائيلي بدون تنسيق مع سوريا، ناهيك عن الحذر الاميركي من تجدد العلاقات الاستراتيجية السورية الروسية . وقد كان لافتا قبل أيام ان وصول وفد من الكونغرس الاميركي ولقاء اعضائه الجمهوريين الرئيس السوري بشار الاسد، تزامن تقريبا مع تجديد موسكو التزامها تسليم دمشق صوارخ مضادة للسفن، كما تزامن مع وصول بارجتين ايرانيتين عبر قناة السويس الى الشواطئ السورية رغم الامتعاض الاسرائيلي. لا شك ان واشنطن راغبة بتحريك حلفائها اللبنانيين ضد سلاح &laqascii117o;حزب الله" لاعتقادها بأن ثمة فرصة مؤاتية لذلك الآن، ولا شك أن هؤلاء الحلفاء يشعرون بان دمشق قد تكون مترددة في ممارسة ضغوط فعلية عليهم، لكن الاكيد أن الأمر يحمل في طياته مخاطر كبيرة، ذلك ان كل طرف سيسعى في خلال الاسابيع المقبلة لاثبات قوته على الأرض والايحاء بانه لم يتأثر سلبا بالتطورات العربية، وسيحاول اظهار الطرف الآخر بأنه الاضعف. وهذا بالضبط ما ينبغي أن يثير قلقا فعليا على الساحة اللبنانية الداخلية التي عرفت في خلال كل تاريخها الحديث ان أي خضة في المنطقة انما تنعكس سلبا عليها، فكيف بالخضات المتتالية؟ وهل ستكون الساحة اللبنانية مفتوحة على مواجهة الثورات؟ يبدو ان الامر هكذا، ولكن لا ريب بان المستفيدين هم غير اللبنانيين.
ـ 'السفير'
... وماذا عن غلبة المال؟
غاصب المختار:
بدا واضحا ان الرئيس سعد الحريري وفريقه السياسي يخوضان المواجهة السياسية الجديدة تحت عنوان حصري هو &laqascii117o;رفض غلبة السلاح"، واعتبار الامور الاخرى مثل تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل حكومة جديدة، أمورا تفصيلية في موازاة معركة إسقاط سلاح المقاومة، وهو ما سيقود البلاد الى اشتباك سياسي، وربما أمني، لو تطور تحرك &laqascii117o;المعارضة الجديدة" الى خطوات غير مدروسة وغير محسوبة الكلفة والنتائج على الوضع العام، لا سيما وضع الشارع المحتقن بكل اتجاهاته.وبغض النظر عن جوهر طرح موضوع السلاح واستهدافاته والجهات الخارجية الكبرى التي تحرك وتستفيد من الاثارة، يبرر سعد الحريري بالشكل حملته على السلاح، بأنها لمنع تغيير المعادلات الداخلية، التي أبقت فريقه في السلطة بفعل عاملين: المال والتحريض.وقد أدت غلبة المال على المنطق السياسي الى تغيير المعادلات الداخلية منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وليس خافيا ان هذه الاكثرية وصلت الى السلطة في العام 2005 بفعل &laqascii117o;التحالف الرباعي" مع &laqascii117o;حركة أمل" و&laqascii117o;حزب الله"، مستفيدة من دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وسرعان ما انقلبت على هذا التحالف، واستمرت بفعل التحريض والمال السياسي الذي صرف لتحشيد الناس وتجييشها مذهبيا، وتمويل اللوائح واستجلاب الناخبين بالطائرات من دول العالم في القارات الخمس ومحاولة مصادرة الاعلام.
وتجلت غلبة المال السياسي في السيطرة على مرافق الدولة وإداراتها، وتوظيف المحسوبين، حتى غدت في الدولة طبقة أثرياء همها تجيير الادارات لمصلحة هذا الفريق. فلا يصرف قرش إلا بعلمه ولا ينفذ مشروع إلا بموافقته.وأدت غلبة المال الى تعويم قوى وشخصيات سياسية هامشية غير ذات صفة تمثيلية وجعلها المال تتحكم برقاب العباد ومصير البلاد، استمرارا لوجود هذا الفريق في السلطة.
بهذا المعنى لا تقل غلبة المال خطورة عن غلبة السلاح، اذا سلمنا بصحة مقولة فريق الحريري ان السلاح ـ لا الخيارات السياسية - قلب المعادلات، فالمال غلّب فريقا على فريق، وأنتج أكثرية نيابية حكمت البلد وقلبت معادلاته السياسية، علما ان السلاح لم يستخدم في الداخل إلا مرة واحدة موضعيا في ايار 2008 وأنتج تسوية سياسية متوازنة لم تلغِ أحدا، بينما المال استخدم خمس سنوات وحاول إلغاء فريق كبير ووازن.
أما مصير السلاح فلا يطرح للاستهلاك والتحريض في ظروف كالتي يمر بها لبنان، مهما تفنن الخطباء في محاولة الفصل بين سلاح مقاومة وسلاح داخل، فالمقصود اولا وآخرا هو سلاح المقاومة، وهو سلاح لولاه لما كان المال قد أوصل هذا الفريق الى السلطة، بفعل الاستقرار الذي أوجده السلاح المقاوم عبر إيجاد معادلة الرعب بوجه العدو الاسرائيلي.
ـ 'الأخبار'
سعد الحريري: Game over
غاصب المختار:
صحيح، الأمر انتهى. ما عاد يمشي الحال. وكما قال المتظاهرون للطغاة: Game Over.
هذا أفضل ما يقال لسعد الحريري بعد خطابه أول من أمس.لم يعد الأمر مجرد صدفة. إسرائيل، التي قال سعد الحريري إنها العدو الوحيد، هي أيضاً الطرف الوحيد الذي يقول حرفياً ما قاله سعد الحريري عن سلاح المقاومة. ومطالب إسرائيل من العرب واللبنانيين وكل العالم، هي نفسها مطالب سعد الحريري إزاء سلاح المقاومة... مع الأسف، مات رفيق الحريري لمرة أخيرة. هذه المرة قتله ابنه سعد، وسلّم الراية إلى سمير جعجع، الذي له الحق، كل الحق الآن، بالابتهاج لكونه نجح، ولو بعد عقدين من الزمن، في جعل عناوين مشروعه عناوين جهات لبنانية أخرى. ما قاله سعد الحريري عن سلاح المقاومة لا يقوله إلا أعداء لبنان، وما طلبه سعد الحريري لا يطلبه إلا أعداء لبنان، وما يسعى إليه سعد الحريري لا يسعى إليه إلا أعداء لبنان، وما دعا إليه سعد الحريري لا يدعو إليه إلا أعداء لبنان. لم يعد ممكناً الكذب على الناس. وسعد الحريري الذي يرفع شعار &laqascii117o;لأ للكذب"، عليه أن يدرك أن الناس يعرفون أنه كاذب، ويعرفون قلة صدقه، وانعدام وفائه لأقرب المقرّبين إليه، وحتى لأوليائه القدماء والجدد على حدّ سواء. هل تريد يا سعد أن نذكّر بأنك أنت من كذبت على جمهورك يوم قلت له إنه لا مجال لعلاقة مع سوريا؟ هل تذكر أنك كذبت على نفسك حين قلت إنك لن تتنازل عمّا تراه أموراً حقيقية وثابتة وراسخة؟
هل تذكر يا سعد أنك أنت من كذب على بشار الأسد، مرة واثنتين وأكثر، ولم تلتزم بكلمة واحدة مما قلته؟
هل تذكر يا سعد أنك كذبت على السيد حسن، وعلى الرئيس برّي، حين قدّمت تعهدات، من تلقاء نفسك، بشأن الشراكة الوطنية، وبشأن سلاح المقاومة؟
هل تذكر يا سعد أنك أنت من كذب على سمير جعجع وأمين الجميّل بأنك لا تفاوض أحداً على رأس المحكمة؟
هل تذكر يا سعد أنك كذبت على الملك عبد الله وعلى ابنه الأمير عبد العزيز، حين قلت إنك ملتزم بما يتفقان عليه مع سوريا، ثم ذهبت إلى الأميركيين تطلب النجدة لمنع الاتفاق السعودي – السوري؟ هل تذكر يا سعد أنك أنت من كذب على جمهور 14 آذار، ورحت تبيع المحكمة مقابل بقاء فرع المعلومات تحت إشرافك، وبقاء سعيد ميرزا وأشرف ريفي في منصبيهما؟
هل تذكر يا سعد أنك كذبت على حلفائك المسيحيين، وذهبت تفاوض سوريا وحزب الله على رأس تمثيلهم في الحكومة، مقابل حفظ مصالحك في سوليدير وسوكلين والسوق الحرة؟ هل تذكر يا سعد أنك كذبت على ميشال سليمان، وأوهمته بالعمل المشترك، فيما كنت أنت تريده شاهد زور في الحكومة، فقط للإمساك بملف الاتصالات؟
هل تذكر يا سعد أنك كذبت على موظفي وسائل الإعلام الخاصة بك، بأنه ليس لديك أموال تغطي العجز، بينما كانت السعودية تحقق معك في مصير عشرات ملايين الدولارات التي اختفت من صندوق الانتخابات، ومثلها من صندوق التنمية؟ هل تذكر يا سعد الحريري أنك كذبت على أهل عكار، وفقراء طرابلس، وأهالي البقاعين الأوسط والغربي، وأبناء عرسال، ولم تصرف قرشاً على الإنماء هناك، بينما أخذت باسمهم أموالاً طائلة من السعودية وغيرها؟وبعد، ما الذي تعتقده يا سعد؟ هل تظن نفسك وائل غنيم وأن ريّا الحسن هي نوارة نجم؟ أم نسيت أن فؤاد السنيورة هو أحمد شفيق؟ وأن أيتام عمر سليمان هم الذين يكتبون لك بيانات الجنون، على طريقة حسني مبارك قبل سقوطه؟ وأن حشد المصفّقين الذين ينتقلون معك، من قريطم إلى منزلك في الأرض المغتصبة، إلى البيال، هم أنفسهم الحشد الذي يجرّه خلفه معمر القذافي من بيته في العزيزية إلى الساحة الخضراء؟ثم تتحدث عن الحقيقة والعدالة؟! هل تظنّ يا سعد أنه يمكنك إقناع أحد في هذا العالم بأنك تريد العدالة في قضية والدك، وأنت تضع يدك في يد قاتل رشيد كرامي؟هل تعتقد أن بإمكانك إقناع أحد بأنك تريد الحقيقة، وأنت لا تزال نشطاً في فبركة ما تيسّر من شهود الزور، وحماية الآخرين الفارين منهم؟
هل تعتقد يا سعد أن جمهور رفيق الحريري معجب بمطالعاتك النجيبة في حضرة محقق دولي، او تريد المزيد من إبداعاتك في الغرف المغلقة؟هل تعتقد يا سعد أن هناك عاقلاً واحداً يمكن أن يلحق بك، ويسير خلفك، بعد ما فعلته خلال السنوات الماضية، من تدمير للمكتسبات، وهدر للفرص، وسرقة لآمال الجمهور وطموحاته؟أم تصدّق ابتسامة فريد مكاري وتصفيق فؤاد السنيورة، وهما اللذان يشتم أحدهما الآخر. إذ خسر الأول أسهمه في مصرف، عمل الثاني على تدميره منذ شهور طويلة، بدعم ورعاية من رئيسك الفعلي جيفري فيلتمان؟حسناً، لقد أحسن من أخرجك من إدارة الدولة، وحسناً تفعل الولايات المتحدة أن تنصّبك زعيماً للمعارضة الجديدة، لكن الخيبة قائمة على وجوه من وعدوا أنفسهم بنصر جديد، والخشية، كل الخشية، على من بقي يصدّقك بين الناس، من الذين ستقودهم من إحباط إلى اكتئاب إلى يأس... والله أعلم إلى أين المسير؟ سعد باشا... اللعبة انتهت!
ـ 'الشرق الأوسط'
انحسار المخاوف اللبنانية من &laqascii117o;الخلفية السياسية" لتهمة غسل الأموال بعد &laqascii117o;تأكيدات" أميركية بعدم استهداف مصارف لبنان
بيروت ـ علي زين الدين:
تسعى السلطات النقدية اللبنانية إلى حصر قضية &laqascii117o;البنك اللبناني الكندي"، المتهم من قبل وزارة الخزانة الأميركية بتسهيل عمليات مالية مشبوهة، ومعالجتها كحالة خاصة بعيدا عن أي تأويلات أو تخمينات ذات خلفيات سياسية، خصوصا بعدما حصل حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، على تطمينات أميركية بعدم وجود أي توجه لاستهداف القطاع المصرفي اللبناني، على خلفية الاتهامات الموجهة إلى البنك.
ووفق المعلومات المتوفرة، فإن أمام البنك المركزي عدة خيارات للمعالجة يجري النقاش في حصيلتها مع الجانب الأميركي، في حال عدم نجاح إدارة البنك المعني في إثبات عدم صحة الاتهامات الموجهة خلال مهلة الستين يوما التي تمتد حتى النصف الأول من شهر أبريل (نيسان) المقبل، حيث تم تكليف مكتب محاماة بإعداد مذكرة دفوع حول وضعية الأشخاص والمؤسسات المشكوك في عملياتهم عبر البنك.
وبحسب مصادر مصرفية مطلعة، يقع ضمن الخيارات المتداولة، إلى جانب دعم التحرك القانوني لدفع الشكوك عن البنك، تدخل البنك المركزي مباشرة في الإدارة التنفيذية بالتزامن مع تغيير إداري يبعد أعضاء تنفيذيين تتناولهم &laqascii117o;الشكوك" عن مركز القرار. وهذا الخيار يجعل ضمان سلامة العمليات من مسؤولية السلطة النقدية، بما فيها لجنة الرقابة على المصارف، وهيئة التحقيق الخاصة المعنية بمكافحة غسل الأموال، أما الخيار الثالث فهو حفز إدارة البنك ومساهميه على الاندماج أو البيع الكامل لصالح إحدى المجموعات المصرفية الكبرى (قياسا بحجم البنك الذي تزيد أصوله الإجمالية عن 6 مليارات دولار)، وهذا ما يضمن عدم تعريضه لإجراءات عقابية في السوق الأميركية، التي ستمتد حكما إلى مجمل الأسواق الخارجية، مما يفقده عامل الثقة المهم لحفظ كيانه وعملياته. ونقل عن رئيس جمعية المصارف، الدكتور جوزيف طربيه، قوله: &laqascii117o;إن الحاكم ذهب إلى وزارة الخزانة الأميركية وهو مسلح بوقائع ومستندات ومعطيات، ولم يذهب من دون معطيات، لذلك فإن المعالجة ستكون محدودة أو محددة بموضوع الشكوى بالنسبة للبنك اللبناني - الكندي، وبالتالي فإن الحل سيظهر فور عودة الحاكم، من دون أي تأثير على الوضع المصرفي، وكل ما يقال غير ذلك هو من باب التكهنات السياسية، وهو بالتالي كلام سياسي من دون مقومات اقتصادية".
وتركز اتهامات وزارة الخزانة الأميركية على أن &laqascii117o;الكثير من الأشخاص المتورطين في شبكة عالمية لتجارة المخدرات وغسل الأموال يحوزون، أو يستخدمون، حسابات ودائع بالبنك لإدخال مئات الملايين من الدولارات شهريا من العائدات النقدية لمبيعات مخدرات غير مشروعة إلى النظام المالي الرسمي". وقد نجح حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، الموجود في واشنطن مع فريق عمل رفيع المستوى من البنك المركزي، في الحصول على &laqascii117o;تأكيدات من مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخزانة الأميركية بأن ما صدر عنهم بشأن البنك اللبناني - الكندي، تناول نشاطات هذا البنك ولا يعكس على الإطلاق قرارا يستهدف القطاع المصرفي اللبناني".
وعلم في هذا الإطار، أن البنك المركزي تكفل بالتعاون مع جمعية المصارف، منذ اليوم الأول لصدور الاتهامات، باحتواء أي تداعيات مؤثرة تطال المصرف ذاته أو تمتد إلى مصارف أخرى، خصوصا بعد تداول معلومات وشائعات عن اتهامات جديدة تطال مصرفين آخرين أو أكثر، عززتها إشعارات من مؤسسات مصرفية عالمية حذرت من تعاملات معينة ومخاوف محلية من وجود &laqascii117o;ضغوط أميركية" ذات خلفيات سياسية. مما أنتج اضطرابات محدودة كادت تتحول إلى موجة مؤذية، تتجاوز في تأثيرها المصرف المعني، لتصيب المؤسسات التي تناولتها الشائعات. كما علم أن تحرك سلامة والوفد المرافق في واشنطن يتم بتغطية سياسية مسبقة ومنسقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، نجيب ميقاتي.
ـ 'النهار'
فريق يرفض الوصاية السورية وآخر يستدعيها
عبد الوهاب بدرخان:
في ضوء الثورات والانتفاضات العربية، بما تعنيه من تفكير جديد وتوق الى التغيير، يبدو الانقلاب الذي هندسته دمشق مع 'حزب الله' في لبنان منتميا بقوة الى نمط بال من السياسة، مناقض تماما لروح الحراك الحاصل في المنطقة. هذا الانقلاب يريد اعادة انتاج نظام الوصاية والهيمنة، ويريد مواصلة تأجيج التناقضات واللعب عليها، ويريد أخيرا تكريس تسلط فئة على جميع الفئات وبالتالي على الدولة والمؤسسات.
كان هذا الانقلاب الثاني، بعد الاول في 7 ايار 2008، لكنه غير مرشح لتحقيق أغراضه حتى لو توصل الى استيلاد حكومة جديدة، وبمعزل عن اللون السياسي الذي ستظهر به. وكان اتفاق الدوحة 'مجرد تسوية موقتة، متوازنة ظاهريا لانها بنيت على تنازلات داخلية من أجل الحفاظ على العيش المشترك وإنهاض الدولة وإنعاش الحوار الوطني وجعله الممر والآلية الضروريين لحل الخلافات. ولو قدّر لـ'مؤتمر المصالحة والمسامحة' ان ينعقد في الرياض، وفقا لما كان مقترحا، لأمكن الخروج بصيغة تبني على 'اتفاق الدوحة' بل تذهب أبعد في توضيح ضوابط اللعبة السياسية واخضاعها لثوابت وطنية مشتركة. إلا أن الانقلاب الحالي أطاح هذا الامل من دون ان يبقي خط رجعة او بابا مفتوحا على تسوية جديدة.
حققت سوريا من خلال هذا الانقلاب انتصارا، لكنها لا تعرف الآن ماذا تفعل به، ولا كيف تستثمره. لا شك أنه كان ضربة محكمة وناجحة لو أنه أنجز بصراع سياسي بحت، إلا أنه نفذ على خلفية السلاح والترهيب والضغوط. لذلك وجدت دمشق ان بين يديها انتصارا تحتفل به مع الحلفاء الايرانيين واللبنانيين، لكن ستقع على عاتقها وحدها مسؤولية ادارته وتحمّل نتائجه. الأرجح انه كانت لديها حسابات معينة لم تظهر محصلتها حتى الآن، وقد لا تظهر على النحو الذي تتوقعه. من ذلك مثلا ان الاطراف الداخلية والخارجية ستضطر للتعامل مع 'الأمر الواقع' الذي افتعلته، ما يعني عمليا انها ستستعيد الوصاية بشكل أو بآخر، فمجرد عدم الرفض الخارجي لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي شكل في نظر دمشق عاملا ايجابيا، لكن عدم رفضه شيء ومجيء حكومة تديرها دمشق وايران شيء آخر. ومن تلك الحسابات أيضا ان قوى الاكثرية السابقة في لبنان سينفرط عقدها لأن ما يجمعها هو وجودها في السلطة، أو ربما ترضخ للانقلاب وتشارك كأقلية في الحكومة الجديدة طالما ان السلطة هي ديدنها ومحط آمالها.
غير أن هذه القراءة السورية لما يجمع قوى 8 آذار او يفرقها، ليست موفقة ولا حتى ذكية او دقيقة، لأنها تسقط من حسابها التغيير الذي تبلور منذ 2005 تحديدا بعد الاغتيالات السياسية. فالسلطة تبقى غاية وهدفا لكن ليس بأي ثمن ولا بأي شكل، وبالتأكيد ليس بالطريقة التي كانت متبعة في عهد الوصاية، ومن دون شك ليس بالطريقة التي تترتب عبر الانقلاب الحالي. ووفقا لذلك التغيير في تفكير السياسة وممارستها أصبحت هناك مسؤولية وطنية ملحة تتطلب الخروج من قالب الحرب الاهلية ونتائجها، ولا سبيل الى ذلك إلا بالعودة الى الأصول، أي الى الدولة والدستور والشرعية، وبالتالي الوقوف بمواجهة كل ما وكل من يريد الاستمرار في اضعاف الدولة وانتهاك الدستور والاستخفاف بالشرعية. وهذه ليست مبادىء انشائية لا مغزى لها وإنما حاجات وأدوات وطنية وبديهية، لا بد منها لبناء الوحدة الوطنية وحماية العيش المشترك و'استعادة القرار الاستراتيجي الى داخل الدولة'، كما جاء في البيان الاخير لقوى 14 آذار، سواء تعلق الامر بالسلاح غير الشرعي او بالمحكمة الدولية وضرورة تحقيق العدالة.
هذه المبادئ لا تخص، بل لا يفترض ان تخصّ، أي فريق لبناني من دون الآخر. إنها لمصلحة الجميع كقاعدة لوفاق حقيقي، وهي ايضا لمصلحة سوريا كأساس لعلاقات سليمة قائمة على الاحترام المتبادل بينها وبين لبنان. ولا بأس بشيئ من الصراحة الفجة: اذا كانت التجربة برهنت ان فئة او طائفة بعينها لا تستطيع مهما أوتيت من قوة ان تتحكم بالبلد او تحكمه وحدها، فان التجربة ذاتها تفيد بأن أي جهة خارجية لا تستطيع ايضا ان تستأثر بـ'ادارة' لبنان وفقا لتوجهاتها او تحالفاتها او نزواتها، سواء كانت سوريا او ايران او الولايات المتحدة أو السعودية. والمعلوم، حتى 2005، أنه كانت هناك صيغة توافق دولي – عربي على ان يعهد بالشأن اللبناني الى سوريا، وليس الى سوريا زائد ايران. هذه الصيغة سقطت ولم تعد صالحة لأسباب كثيرة لعل أهمها ان تيارا استقلاليا فرض نفسه في لبنان، وهذا التيار يريد ان يكون منفتحا ومتعاونا مع سوريا كما مع الولايات المتحدة كما مع ايران. وليس في قواعد هذا التيار من يعتقد أنه شارك في تظاهرات 'ثورة الارز' لإحلال وصاية اميركية (أو اسرائيلية) محل وصاية سورية (أو ايرانية)، بل من أجل استقلال يحترمه هؤلاء جميعا، وهو أقل ما يستحقه شعب مرَّ بحرب أهلية كادت تقضي على وجوده وعلى دولته.
أكثر ما يثير الاستغراب والألم أن لا تكون هذه المبادئ السيادية – الاستقلالية في صلب أهداف المقاومة، وأن لا تكون المقاومة حاملة لواءها، وأن لا يكون سلاح المقاومة مدافعا عن كل مواطن لبناني يريد لوطنه ان يكون – أو حتى أن يحاول أن يكون – متمتعا بالاستقلالية التي يطمح اليها أبناؤه. سيقول قائل، بل قائلون، إن هذه رؤية قصيرة النظر، لأن المقاومة هي التي استعادت للوطن كرامته في مواجهة الاستكبار الاسرائيلي. هذا صحيح، لا يمكن أحدا أن ينكره، لكن ماذا بعد. فالمسار الطبيعي، المنطقي، ان يلتقي التياران، الاستقلالي والمقاوم، فكلاهما يريد العيش في هذا البلد، وليس لأي منهما ان يتحكم بالآخر أو يخوّنه أو يسقطه أو يستهين به، وليس لأي منهما ان يتلاعب بالاستقرار أو يعبث بمكانة الدولة أو يتكبر على العيش المشترك ومقوماته. على هذه المفاهيم تقوم الوطنية الجامعة أو لا تقوم. في حمأة الانقسام، جاء الانقلاب الذي هندسته سوريا و'حزب الله' ليجدد الصراعات ويفاقمها، لا ليعالجها أو يخفف منها. والفارق بين الطرفين ان 8 آذار تختصر الامر بأن هناك مؤامرة خارجية، بالاحرى أميركية – اسرائيلية، على سلاح المقاومة. أما 14 آذار فترى ان هناك مؤامرة سورية – ايرانية على الدولة والاستقلال. بين المؤامرات المتزاحمة كان يفترض الحفاظ على حكومة يشارك فيها الجميع وأن تكون هناك خيارات داخلية تحترم طموحات اللبنانيين. لكن الذهاب الى حكومة انقلابية لنصرة مؤامرة ضد مؤامرة مضادة، لا يعني سوى التآمر على البلد وأهله.
ـ 'المستقبل'
أبواق الحزب الحاكم!!
حسين الملط (صحافي):
'حزب الله' يقول إنه سوف يعمل ما في وسعه لمساعدة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، بينما في المقابل يطلق العنان لأحد أبواقه والناطق باسمه في 'الملمات' ليشن الهجوم تلو الهجوم على ميقاتي، وحتى على رأس الدولة أي العماد ميشال سليمان. ثم يعطي هذا 'الحزب الحاكم' الضوء الأخضر لأحد حلفائه المهووسين بالسلطة والفساد ليهاجم الرئيس سليمان وليحرمه من توزير بعض من الذين يثق بهم. بالله عليكم من يصدق بعد ذلك أن 'الحزب الحاكم' يساعد ميقاتي ويسهل مهمته؟ هل عبر وئام وهاب وميشال عون وغيرهما نستطيع أن نبني دولة مثالية؟؟
عيب هذا الذي يجري في السياسة اللبنانية وحرام أن يكون أمثال هؤلاء في سدة المسؤولية، لأنهم في قمة الغباء السياسي وهم رواد الفساد والفوضى التي تعم البلاد، فليرأف 'حزب الله الحاكم' بالبلاد والعباد. لأن هذه المسرحية الهزلية التي يقوم بها الحزب الحاكم وأعوانه أصبحت لعبة مكشوفة ولن تنطلي على أحد، فالجميع أصبح يعرف من الذي يريد الدولة القادرة القوية ومن يريد السيطرة على الدولة لخدمة مصالح دول أجنبية لا همّ لها سوى التمدد والتوسع والاحتلال.
كفى أيها الخارجون على القانون فلبنان سينبذكم ولن يقبل سوى علم لبنان هو الذي يرفرف في سماء السيادة والحرية والاستقلال. وليتقِ الله في ما يفعله أزلامه وحلفاؤه وإلا على لبنان وعلى الدنيا السلام. اللهم أشهد أني بلغت..
ـ 'المستقبل'
سلاح 'على مين؟'
عبد السلام موسى:
(...) أحد السياسيين المخضرمين، وبمعزل عن ملاحظاته على انفراد حزب الله في جرّ لبنان إلى حرب مع العدو الإسرائيلي في تموز من العام 2006'، وانتقاده لـ'قول نصر الله: لو كنت أعلم!'، يشير إلى أن 'سلاح المقاومة لم يطلق أي رصاصة على الحدود الجنوبية منذ ذلك الحين في إطار ما يسميه مقاومة، بل تحولت مقاومته إلى إطلاق آلاف الرصاصات على المدنيين العزل، ومئات القذائف الصاروخية على أملاكهم وأرزاقهم، كما انه لم يوفر الجيش اللبناني ولا قوات 'اليونيفيل'، وإلا ما تفسير ما حصل من اعتداء على الجيش اللبناني في منطقة مار مخايل؟ وما تفسير إطلاق النار على مروحية للجيش اللبناني وقتل الضابط سامر حنا؟ وما غاية ما حصل في الجنوب ضد قوات 'اليونيفيل' تحت مسمى 'إحتجاج الأهالي'؟
سيل من الأسئلة، والجواب واحد: 'سلاح على الوطن وشعبه وجيشه'.
ـ 'المستقبل'
الأولوية لإسقاط نظام الهيمنة الفئوية المسلّحة
وسام سعادة:
تبذل اليوم محاولة للإيحاء بأنّ 'التناقض الرئيسيّ' لم يعد بين 8 و14 آذار وأنّه ينبغي التفتيش عن عناوين جديدة للحياة السياسية اللبنانية بما يتجاوز هذه الثنائية، ويتواءم مع ثورات 'الشعب يريد' العربية.
هذه المحاولة تعني في وجهها الغالب التأقلم مع نظام الهيمنة الفئوية المسلّحة الذي يفرضه 'حزب الله' منذ انقلاب 'القمصان السود' على مرجعية انتخابات 2009، ولأجل الإيحاء بأنّه يمكن تحصيل مكتسبات 'علمانية' أو 'إجتماعية' في إطار هذه الهيمنة اللاشرعية، وأنّه يمكن بالتالي تجميل وجه هذه الهيمنة في مقابل منحها شرعية مدنية، وكلّ ذلك على حساب المكتسبات السيادية والاستقلالية لعام 2005، وعلى حساب قضية المحكمة الدولية.وطبعاً، في كلّ مرة تزدهر فيها الدعوات إلى إفراز 'قوة ثالثة' تدّعي مجاوزة الصراع القائم بين 8 و14 آذار، لا تلبث هذه القوة عن كشف وجهها الحقيقيّ كـ'طليعة ذيلية' مقاتلة في سرايا 8 آذار. فباسم رفض 'الثنائية الآذارية' (8 و14) يجري التسويغ لبقاء الأمر الواقع الفئويّ المسلّح على حاله، وتأمين حماية 'لاطائفية' لهيمنة الثنائية غير المرحة 'حزب الله حركة أمل'.
هذا لا يعني أنّ الثنائية بين 8 و14 آذار تختزل وحدها المستوى السياسيّ في لبنان. ولا أن التفكير 'أبعد' من هذه الثنائية غير ممكن. إنّما دون ذلك شروط أهمّها ملاحظة الثنائيات الأخرى التي يتبلور تبعاً لها الواقع السياسيّ اللبنانيّ.
وأوّل هذه الثنائيات متّصل بالمسألة الكيانية الوجودية، أي العلاقة بين المسيحيين ككل والمسلمين ككل في هذا البلد. تثمر هذه الثنائية تناقضاً بين إتجاهات ثلاث: الاول يرى إلى المناصفة الإسلامية المسي