- 'السفير'
السـفير تنشر الوقائع الكاملة للاختراق الإسرائيلي لخطوط هاتفية لكوادر في المقاومة: تحقيـق أمني ـ فني يكشف وجـود برمجة لخطوط رديفـة من داخـل فلسطين المحـتلة
كتب المحرر الأمني:
تكشفت لـ&laqascii117o;السفير" فصول جديدة وخطيرة من فصول التحكم الاسرائيلي بقطاع الاتصالات في لبنان، من خلال عملية احترافية عالية وبرامج غير معروفة، تؤدي إلى فبركة اتصالات وهمية في امكنة وازمنة مختلفة, وهو الأمر الذي كانت وقائع المؤتمر الصحافي الأخير لكل من وزير الاتصالات شربل نحاس ورئيس لجنة الإعلام النيابية النائب حسن فضل الله ورئيس الهيئة الناظمة للاتصالات عماد حب الله، قد لامست بعض جوانبه ولاسيما منها نجاح العدو الاسرائيلي في اختراقه لخطوط هاتفية عائدة لكوادر في المقاومة, اعتبارا من لحظة بدايتها في الثامن من نيسان من العام 2009, وهو التاريخ الذي عرض فيه رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن على مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا, ملف العميل اديب العلم, واشارته الى تورط احد كوادر الحزب بالعمل لصالح العدو.
وفيما كانت المخابرات العسكرية الإسرائيلية وتحديدا الجهاز 8200 يشيد في هذا التاريخ بالانجاز الذي تم تحقيقه باختراق هواتف شخصية لكوادر في المقاومة، كانت المقاومة ومن خلال المعلومات الهامة التي قدمها فرع المعلومات، تطلق بالتنسيق مع مخابرات الجيش وفرع المعلومات عملية أمنية أدت الى انجاز أمني غير مسبوق وبامكانيات متواضعة مقابل الامكانيات والبرمجات الاسرائيلية، حيث أمكن التوصل الى فكفكة كل أسرار الخرق الاسرائيلي الذي جعله يخلق أرقاما تتزامن مع بعضها البعض في الخط الواحد، حيث كان هناك خطان يعملان من دون أن يدري صاحب الخط بذلك.
بدأت قصة اتهام ثلاثة كوادر من المقاومة بالعمالة بتاريخ 08-04-2009 تقريباً عندما عرض رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن على مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا ملف العميل الاسرائيلي أديب العلم، سائلاً عما إذا كان لدى حزب الله معلومات حوله تؤكد عمالته مضيفاً أن احد كوادر الحزب متورط في الموضوع أو أنه يلعب دوراً امنياً لصالح الحزب مع الموســاد الإسرائيلي.
بعد أن استمهل صفا الحسن، للمراجعة والتدقيق والرد على الملف, تم التواصل بين الرجلين بعد يومين, أي صباح يوم الجمعة في 10-04-2009, عندما أكد صفا للحسن أن العلم استناداً إلى معطيات المقاومة ليس فقط مجرد عميل بل هو عميل كبير, مؤكداً له أن زوجة العلم هي الأخرى متورطة بالعمالة وليس زوجها بمفرده.
في اليوم التالي (11-04-2009) أوقف فرع المعلومات العميل العلم وزوجته وأخضعا هناك للتحقيق. بتاريخ 15-04-2009 عقد في مركز لجنة الارتباط والتنسيق اجتماع ضمّ من طرف حزب الله, إلى جانب صفا, مندوباً من أمن المقاومة معنياً بمكافحة التجسس الإسرائيلي, ومن طرف فرع المعلومات الرائد خ. ح. والملازم أول م. ص.
خلال اللقاء, سلّم ضباط الفرع لمندوب أمن المقاومة خطيطة اتصالات وردت فيها ارقام يتواصل معها العدو الاسرائيلي تتلازم وتتزامن بشكل دائم جغرافيا, مع أرقام ثلاثة من كوادر المقاومة, ومن بين هذه الارقام التي يتواصل معها الاسرائيلي أرقام كان العلم اشتراها وسلّمها لمشغليه الإسرائيليين قبل توقيفه. الأمر الذي قاد فرع المعلومات لاستنتاج تحليلي مفاده أن هذه الأرقام المتزامنة مع أرقام كوادر المقاومة مستخدمة من طرف هؤلاء الكوادر ويتواصلون بها مع الإسرائيلي, وبالتالي فان الإسرائيلي يخترق صفوف المقاومة بهؤلاء الكوادر الثلاثة.
قدم ضباط فرع المعلومات شروحات إلى مندوب أمن المقاومة حول استنتاجهم التحليلي هذا وتفاصيل ما توصل إليه الخبراء الفنيون في الفرع حول هذه القضية. وخلال هذا اللقاء, استفسر مندوب امن المقاومة عن الإجراءات الإضافية التي قام بها فرع المعلومات لتأكيد نظريته بتورط كوادر الحزب بالعلاقة مع اسرائيل, خصوصاً ان مسألة &laqascii117o;التزامن الجغرافي" بين هواتف المقاومين, والهواتف المستخدمة من قبل اسرائيل, لا تشكل دليلاً ولا يمكن الاستناد إليها لإدانة هؤلاء.
هنا تردّد ضابطا الفرع في طرح ما لديهما لتأكيد نظريتهما هذه, إلا انه بعد تشاور فيما بينهما افصحا انهما ومن اجل التحقق من عمل الارقام المشبوهة وضعا أحد الارقام الذي يتواصل معه الاسرائيلي والمتزامن جغرافياً مع هاتف أحد كوادر المقاومة تحت التنصت. وتم التوصل بالمحصّلة الى النتائج التالية:
عدم وجود اتصال صادر من هاتف الكادر في المقاومة باتجاه هاتف الضابط الإسرائيلي, بل إنّ الاتصالات كانت ترد من الضابط إلى الهاتف المتزامن.
1- في الاتصالات التي جرى التنصت عليها والتي كان يجريها الضابط الاسرائيلي ـ والكلام لضابط فرع المعلومات ـ أمكن سماع الأحاديث التي تدور في محيط الكادر صاحب الهاتف المتزامن إلى درجة &laqascii117o;سمعنا احياناً بعض الاحاديث في غرفة النوم" على حد تعبيره.
2- لم يظهر وجود أي حديث مباشر بين الكادر في المقاومة والضابط الإسرائيلي, بمعنى انه لم يكن هناك مكالمة صوتية بين الكادر والضابط, بل كل ما تم التنصت عليه كان عبارة عن صوت الكادر متحدثاً مع المحيطين معه وأصوات المتحدثين مع الكادر في محيطه وصوت ما يجري في محيطه. ولم يُسجل لهذا الكادر أي حديث هاتفي مع أي احد.
دفعت هذه الشروحات مندوب امن المقاومة لطرح إشكاليات جوهرية على ما أورده الملازم أول م. ص, ومناقشته فيما خلص اليه فرع المعلومات من نتائج, مستعرضا أمام الضابط المذكور الملاحظات التالية:
إنّ النتيجة التي توصّل إليها فرع المعلومات تؤكد عدم وجود اتصال مباشر, بين هاتف الأخ الكادر وهاتف الضابط الإســرائيلي.
لو كان الهاتف المشبوه, الذي يظهر تزامنه الجغرافي, مع هاتف الكادر هو بحيازة هذا الكادر فعلا, لما احتاج الإسرائيلي للاتصال بالهاتف المتزامن ليستمع إلى ما يدور في محيط الكادر من مسائل تهمّه أو لا تهمّه, بل كان يكفي أن يفتح الكادر (على فرض صحة علاقته بالإسرائيلي) جهاز الهاتف المتزامن من طرفه عند الحاجة, لإسماع الإسرائيلي ما يريد الكادر ان يُسمعه إياه لا العكس. فضلاً عن عدم حاجة أي عميل ليرسل له الإسرائيلي هاتفاً لبنانياً لاستعماله في التواصل بينهما في ظل وجود إمكانية لدى أي عميل لشراء هاتف جديد من السوق غير مستعمل من دون أي بيانات تدل على هويته.
وبعد تقديم الإيضاحات التي تدحض فرضية اتهام المقاومين, علق الرائد خ.ح. على هذه الملاحظات بقوله: &laqascii117o;انها ملاحظات منطقية وفي محلها".
انتهى اللقاء الذي تعهّد فيه حزب الله , ورغم ردود مندوبه الاولية, بالتحقيق ومتابعة الموضوع حتى جلاء تفاصيله. وجرى الاتفاق على عدم التسريب الى الإعلام. ودفع هذا &laqascii117o;اللغز المحيّر", المتعلق بـ&laqascii117o;التزامن الجغرافي" بين هواتف المقاومين والهواتف المستخدمة من قبل اسرائيل, الجهات المعنية في أمن المقاومة للقيام بمجموعة تحقيقات موسّعة ومكثّفة, لكن ذلك لم يمنع العقيد وسام الحسن وعدد من مسؤولي &laqascii117o;تيار المستقبل" من إشاعة خبر استنتاجهم في محيطهم حتى تلقى حزب الله جملة مراجعات حول الموضوع الذي انتهى امره بالتسريب الى وسائل الاعلام بشكل علني.
على وقع هذا المستوى من التعاطي بادر جهاز مكافحة التجسس في حزب الله إلى:
1. دراسة أوضاع الكوادر المقصودين بتحليل اتصالات فرع المعلومات, والتدقيق في أي شبهات يمكن ان تسجّل حولهم.
2. دراسة وتحليل المعطيات التي تسلّمها من فرع المعلومات.
بنتيجة هاتين الخطوتين اللتين استمرتا لأسابيع, توصل جهاز مكافحة التجسس في أمن المقاومة إلى جملة نتائج:
1. الكوادر المشار إليهم في معلومات الفرع هم من الكوادر الفعالة الذين لا تشوب وضعهم أي شائبة على المستوى الأمني على الإطلاق. ولم تدُر حولهم, لا سابقاً ولا حاليا, أي شائبة مما تجري ملاحظته على العملاء والمشبوهين.
2. تبيّن أن هواتف هؤلاء الكوادر جرى التلاعب بها من طرف إسرائيل وتمت برمجة خطوط رديفة عليها.
وكان الفنيون في حزب الله على علم بأن إمكانية برمجة خطوط هاتفية رديفة هي إمكانية متاحة نظرياً, ويمكن أن تطبق عملياً في حال توفرت مستلزماتها على أن تكون المعالجة للهاتف المستهدف مباشرة معالجة مادية مباشرة. لكن ونظراً لعدم إمكانية وصول اسرائيل &laqascii117o;فيزيائياً" الى هواتف هؤلاء الكوادر, وبعد التدقيق في المعطيات المسلّمة الى الحزب من جانب فرع المعلومات واستعانة الحزب ببعض أهل الخبرة والاختصاص, استنتج فنيو المقاومة أنه تمت برمجة خطوط رديفة لخطوط الكوادر عن بعد عبر رسائل sms من خلال ارقام نمساوية. كما لاحظ الفنيون أنه بموازاة خط الكادر من شركة mtc تمت برمجة خط رديف من الشركة نفسها وبموازاة خطي الكادرَين الآخرَين من شركة alfa تمت برمجة خطين رديفين من شركة alfa.
بعد انهاء جهاز مكافحة التجسس في المقاومة متابعة الموضوع ووضوح الصورة لديه بشكل اولي وعلى المستوى النظري, بادرت قيادة حزب الله بتاريخ 20-06-2009 الى تقديم المعطيات المتوافرة الى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وذلك بغية:
1. حفظ حق كوادر المقاومة في بيان نظافة سجلهم الأمني ونفي أي شائبة أمنية عن وضعهم.
2. إثبات تلاعب العدو بهواتف هؤلاء الكوادر المستهدفين تعميماً للفائدة على مستوى الأمن الوطني, ولكي يكون واضحاً لدى الأجهزة الأمنية في البلد إمكانية إسرائيل من الناحية الفنية وخطورتها على صعيد الاتصالات.
وتولّت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بدورها المتابعة وأجرت تحقيقاتها الفنية الخاصة مستعينة بوزارة الاتصالات وشركات الخلوي المعنية, وأثبتت من خلال إحدى العيّنات (هاتف احد الكوادر المدّعى تزامنها مع هاتف على صلة بالعدو) أن هناك تلاعباً بالهاتف وبرمجة لخط رديف عليه. وأماطت اللثام عن هذا اللغز, لتسجل بذلك انجازا أمنياً اضافياً كبيراً, تمثل بالكشف عن واحدة من اخطر أساليب عمليات الاختراق والتجسس, التي يعتمدها العدو لاستهداف المقاومين, وذلك عبر استخدام &laqascii117o;تقنية زرع خطوط هاتفية خلوية وهمية داخل هاتف آخر"... وهي تقنية, لم يكن بإمكان العدو تنفيذها لولا استباحته المطلقة, سواء عبر عملائه المباشرين أو عبر إمكاناته التكنولوجية المعقدة, لكل ما يتصل بقطاع الاتصالات في لبنان ومنظومات شبكات الهاتف الخلوي والثابت فيه.
كيف اخترق الإسرائيلي هواتف الكوادر الثلاثة؟
عمدت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني الى العمل على خطين متوازيين:
1. دراسة بيانات القضية والتي تشتمل على بيانات هواتف كوادر المقاومة, وبيانات الهواتف التي تتواصل مع الاسرائيلي والمتزامنة جغرافياً مع هواتف أولئك الكوادر, للوقوف على مدى دقة الاستنتاجات ذات الصلة.
2. إجراء تجربة عملية على إحدى العينات (هاتف احد الكوادر وهو الهاتف الاساس الذي استند عليه فرع المعلومات في ادعاء التعامل) للتدقيق في أي ارتباط فيزيائي او غيره بين هذا الهاتف والهاتف المتزامن معه جغرافياً.
أولاً : دراسة البيانات
دراسة البيانات التي أجرتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني افضت الى الحقائق التالية:
أرقام المقاومين التي تم استهدافها هي التالية (اسماء مستعارة):
حسن: 156226ـ70
صلاح: 789276ـ70
فداء: 171813ـ03
[ الأرقام اللبنانية التي زرعها العدو داخل هواتف المقاومين الثلاثة وفقاً للتسلسل الزمني:
189465ـ70 تم زرعه في هاتف حسن من تاريخ 13-01-2009 ولغاية اوائل شهر آذار من العام ذاته (وهو الخط الذي اشتراه العميل اديب العلم وسلّمه الى الضابط الإسرائيلي).
875074 -03 تم زرعه في هاتف صالح من تاريخ 09-01-2009 ولغاية 24-02-2009.
189465-70 تم زرعه في هاتف فداء من تاريخ 15-01-2009 ولغاية 28-01-2009 بعدما أوقف الإسرائيلي تفعيله من جهاز حسن خلال هذه الفترة.
266752ـ70 تم زرعه في هاتف حسن من اوائل شهر آذار ولغاية ايقاف العملية في شهر نيسان بعدما اوقف الخط المبرمج الأول 189465ـ70.
بعد انتهاء عملية برمجة الخطوط، كان يظهر الرقم المزروع في نفس خلايا هاتف المقاوم المستهدف.
[ الأرقام النمساوية التي تولّت عملية الزرع:
استخدم الإسرائيلي أرقاما نمساوية متواجدة في شمال فلسطين المحتلة مقابل بلدة علما الشعب اللبنانية في عملية زرع الخطوط الخلوية اللبنانية داخل خطوط المقاومين من خلال إمطار هاتف المقاوم بمئات الرسائل القصيرة الصامتة Silent SMS :
0043 6769127224 زرع الرقم 189465ـ70 داخل جهازي هاتف يخصان كلاً من حسن وفداء.
0043 6769127224 زرع الرقم 226752ـ70 داخل جهاز هاتف حسن بعد ايقاف الخط الاول الذي كان زُرِع فيه سابقاً (كما هو مبيّن أعلاه).
0043 6766839563 زرع الرقم 875074ـ03 داخل هاتف صالح.
* الرقم الذي أدار عملية التنصت:
الخط الهاتفي الذي استعمله الإسرائيلي في إدارة عملية التنصت هو 764313ـ03 حيث كان ينفّذ الاتصالات بالأرقام المزروعة مستفيداً من خلايا حدودية تغطي شمال فلسطين.(انظر الخطيطة التوضيحية المرفقة)
ثانياً، التجربة الفنية داخل شركة الفا:
بعد الانتهاء من تحليل كافة البيانات العائدة للأرقام المزروعة المستخدمة من قبل العدو الإسرائيلي, وبتاريخ 14-07-2009 أجرى فنيو مديرية المخابرات في الجيش اللبناني مع مهندسين من الهيئة الناظمة للاتصالات وآخرين من شركة alfa تجربة على طريقة عمل الهواتف التي زرعت بداخلها الأرقام المستخدمة من قبل العدو, وذلك بهدف معاينة ما يحدث لهذه الهواتف عند تشغيلها او إقفالها, بحسب ما تظهره البيانات المسجّلة على شاشة غرفة التحكم العائدة لشركة الفا الموجودة في مبنى السنترال التابع للشركة في سن الفيل.
وبنتيجة التجربة أعلاه, تأكدت الوقائع التالية:
1- عندما تم وضع شريحة الهاتف (Sim card) العائدة لرقم الكادر في المقاومة, في &laqascii117o;جهاز الهاتف", الذي يستخدمه هذا الكادر (والمشتبه في انه يحوي الهاتف الوهمي المزروع), ومن ثم تشغيل الجهاز... ظهر بعد ثمانية وخمسين ثانية, للمشرفين على التجربة, عبر شاشة التحكم داخل شركة الفا, أن الخط المزروع من قبل الاسرائيلي في هاتف الكادر من المقاومة, بات في وضعية التشغيل ضمن شبكة الفا.
2- بعدها, تم وضع شريحة هاتف جديدة (Sim card) عائدة لخط جديد غير مستخدم, داخل جهاز الهاتف نفسه المستخدم من قبل الكادر في المقاومة, فظهر مجددا, وبعد ثمانية وخمسين ثانية, على شاشة التحكم في الشركة, ان الخط نفسه المزروع في هاتف الكادر في المقاومة, في وضعية التشغيل ضمن شبكة الفا.
3- وعند إطفاء جهاز الهاتف العائد للكادر في المقاومة, اختفى الخط المزروع عن شبكة الفا.
أثبّتت دراسة حركة الاتصالات والتجربة أعلاه, للمحققين الفنيين من مخابرات الجيش, ومن فنيي وزارة الاتصالات وشركة الفا, الحقائق التالية:
إن جهاز الهاتف المستخدم من قبل المقاوم, هو مكان استقرار الخط الوهمي المزروع برمجيا, من قبل الإسرائيلي, وليس بطاقة Sim card, التي أظهرت التحليلات التي أجريت عليها وقراءة البيانات المسجلة فيها, أنها لا تحوي الرقم الوهمي المزروع.
- 'السفير'
سقــوط أميـركــا
سمير التنير:
اوضع غريزسبان مدير المصرف الفدرالي السابق أسس تحويل الحلم الأميركي إلى حقيقة: مجتمع المالكين. وأجبر البيت الأبيض والكونغرس على إلغاء كل القوانين والاجراءات التي تعرقل ذلك. كان الحلم في طور التحقق في فلوريدا وهوليوود وأبراج غولدمان ساكس.
كانت أميركا بحاجة إلى ذلك الحلم. ولكن ذلك الحلم انتهى الآن. والأسهم التي امتلكها الأميركي في الشركات الكبرى والمصارف، انخفضت قيمتها ولم تعد تساوي شيئاً. والحلم بالبيت الكبير وبالسيارات الفاخرة واليخت، زال تماماً الآن.
أميركا عام 2010 مختلفة تماماً الآن. والشركات الكبرى تضع استثماراتها في الدول الآسيوية الصاعدة، حيث العمل الرخيص والأسواق الكبيرة. ويعتقد 47% من الأميركيين ان الحلم الأميركي ليس واقعياً الآن.
يملأ التشاؤم الولايات المتحدة الأميركية ويسود القلق والهستيريا. لقد شاخت المجتمعات الأميركية، وفكرة الاختراق الخلاق، التي كانت سائدة فيما مضى، تراجعت وزالت ويعتقد 63% من الأميركيين ان ليس باستطاعتهم المحافظة على مستوى عيشهم الحالي.
ان سقوط أميركا سيكون له الأثر الكبير على الاقتصاد الدولي وعلى النظام السياسي في العالم. لقد فقدت قدرتها على ابتكار الأفكار الجديدة وتحقيقها. وانحدارها ليس له قعر. وأميركا عام 2010 لا تملك الا 16,000 صفحة من الضرائب الجديدة. وفقد التضامن الاجتماعي. والنظام السياسي المخترق من جماعات الضغط وجماعات الحقد الأعمى، ليس قادراً على اتخاذ أي قرار بالسرعة المطلوبة.
لا تفكر أميركا كثيراً لفقدان مكانتها في العالم. يلقي بعض الأميركيين اللوم على الحظ والصدفة، ويعود إلى أفكاره الثابتة السابقة بنشر الحقد والكراهية (وخاصة ضد المسلمين). وتنشر شبكة &laqascii117o;فوكس نيوز" على مدار الساعة دعاية مسمومة ضد بقية العالم. لم يتفهم الأميركيون بعد العولمة وسوق العمل العالمية.
هل تستطيع أميركا ان تصحو من أحلامها؟ صباح الخير أميركا. هل هناك من وقت بعد؟
يقول عالم علم الاجتماع روبرت بوتمان: &laqascii117o;لقد اجتمعت مع باراك أوباما وجورج دبليو بوش. لقد كانا قلقين جداً على الحالة الأميركية الحاضرة. وكان باستطاعتي إجراء حوار طويل معهما. لقد تفرق الأميركيون. أصبح الأغنياء يعيشون في أحياء خاصة بهم. كذلك الفقراء. لقد انهار العقد الاجتماعي بين الأميركيين، والحلم الأميركي كان صدفة. كان المجتمع الأميركي منقسماً دوماً بين الأغنياء والفقراء. ولكن الفرص كانت متاحة أمام الجميع. وكان ذلك أساس الحلم الأميركي. ولكن عندما ينتهي العقد الاجتماعي، فإن الحلم الأميركي ينتهي معه أيضا".
منذ بداية القرن العشرين والمجتمع الأميركي يتطور بسرعة فائقة، في مجالات السياسة والثقافة والاعلام لجعل أميركا مجتمع المالكين. وفي هذا الصدد يقول فرانكلين روزفلت &laqascii117o;عندما تمتلك بيتك، فإن ذلك يعني ان حلمك الأميركي قد تحقق". وعمل جورج بوش وبيل كلينتون على توسيع تملك الأميركيين لمنازلهم. وفي عهد كلينتون انضم ثمانية ملايين أميركي إلى شريحة المالكين.
كان ثلثا الأميركيين في بداية سنوات الستين من القرن العشرين يملكون منازلهم الخاصة، وكانت البنوك تقدم قروضاً رخيصة لشراء المنازل. وكانت الدولة تقدم 100 مليار دولار لدعم ذلك.
تنخفض أسعار العقارات في الولايات المتحدة الآن. ولا يستطيع 11 مليون من المالكين تسديد ديونهم. والشقة التي كانت تساوي 120 ألف دولار، اصبح سعرها الآن 80 ألف دولار فقط. وبلغت نسبة البطالة في ولاية فلوريدا 12% ولذلك فإن الناس تهرب من هناك تاركة وراءها كل شيء. وفي هذا يقول جاكوبيت &laqascii117o;لقد أملت أن يغير الأميركيون أفكارهم الثابتة والمسبقة. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث".
يقول روغوراهام راجان &laqascii117o;ان القيادة السياسية عالجت الأمر بتشجيع البنوك على تقديم القروض الرخيصة، على أمل زيادة الأجور، وزيادة أسعار الشقق. ولكن هذا الأمر فشل فشلا ذريعاً لقد أخطأت كل الحكومات سواء أكانت يمينية أم يسارية".
بلغت الديون الأميركية حدود 90% من الناتج المحلي الإجمالي. وتشعر البلاد الآن بالآلام وتفقد الثقة، فالمستثمرون لا يستثمرون، والمستهلكون لا يشترون، وبذلك يتوقف نمو الاقتصاد. وفي الربع الثاني من هذه السنة تجاوزت الولايات المتحدة هذه النسبة.
في بداية القرن الحادي والعشرين توقفت أسعار الأسهم فجأة عن الارتفاع. وفقد حاملو أسهم شركات تقنية المعلومات 78% من قيمة أسهمهم بحسب مقياس ناسداك. وتحولوا من ثم إلى شراء أسهم الشركات العقارية، التي انفجرت فقاعتها في خريف عام 2008 وتسببت بالأزمة المالية العالمية الكبرى التي لم تنته حتى الآن.
يقول أوموند فيليس عالم الاقتصاد الأميركي الحائز على جائزة نوبل &laqascii117o;لقد فقد الاقتصاد الأميركي ديناميته. وتوقف نموه. لأن الاقتصاد الأميركي تغير هيكلياً". وتوقف المستثمرون عن استثمار أموالهم في الولايات المتحدة وتوجهوا إلى البلدان الآسيوية، حيث الربح أعلى وأسرع. ومنذ عام 2000 فقد سوق العمل 6 ملايين وظيفة. ويعمل 9% من الأميركيين في الشركات الصناعية. نصف ما كان عليه الأمر عام 1985.
يقول بول فولكر مستشار باراك أوباما الاقتصادي: &laqascii117o;آمل ان لا يكون عندنا هذا العدد الهائل من المهندسين الاقتصاديين. يجب على أميركا اعادة بناء قطاعها الصناعي. لان ذلك القطاع موروث منذ الحرب العالمية الثانية. ولأن العمالة تزداد من 10% إلى 20% كل عقد من الزمن. لقد فقد الاقتصاد حيويته. ولم يجد 25 مليون اميركي وظائف لهم، كل شهر يتقدم 100 ألف مواطن إلى سوق العمل ولا يجدون وظيفة".
عندما غادر آلان غريزسبان مكتبه في المصرف الفدرالي في نهاية عام 2006 ترك بلاداً مثقلة بالديون مع حربين في العراق وأفغانستان، بلغت تكاليفهما أكثر من تريليون دولار. ارتفعت الديون من 57% من الناتج المحلي الاجمالي إلى 94% في عام 2009. وفي العام القادم سترتفع النسبة إلى أكثر من 100%.
تزيد ديون أميركا 3,2 مليار دولار في اليوم الواحد. يفقد 7300 شخص أعمالهم في اليوم. يفقد القطاع الصناعي 1400 وظيفة كل يوم.
وداعاً أميركا. Good bye America.
- 'الأخبار'
التسوية تجدّد الحريرية
حسان الزين:
رغم مراوحة التسوية السورية ـــــ السعودية لأسباب عدّة، منها ما يتعلّق بالحراك الدولي والإقليمي، ومنها ما يرتبط بصحّة الملك السعودي، يتصرّف سعد الحريري، ولو ببطء، على قاعدة أنّ التسوية ستحصل. يسير بين النقاط، وإذا كانت أذنه في قصور السعودية والأروقة المتعددة للعائلة الحاكمة هناك، وإذا كانت عينه موزعة، هنا، على غير جهة وفريق، من حزب الله الذي أبدى أمينه العام إيجابيّة وتفاؤلاً تجاه التسوية، إلى حليفته القوات اللبنانيّة التي يفسح رئيس هيئتها التنفيذية، سمير جعجع، أيضاً، المجال للتسوية، فإنّ حواسّه كلّها على الاقتصاد.
أي كلام يعدّ الحريري ضد التسوية هو تعصبي أو ظرفي أو تهويلي يهدف إلى الإسراع في التسوية على حساب الحريري وفريقه المحلّي والإقليمي. والمقارنة التي تفرض نفسها بين وليد جنبلاط الذي يكمل استدارته، وسعد الحريري الذي يتضح اتجاه بوصلته، يسيء إلى الوعي ومحاولة فهم حركة الحريري في اللحظة الراهنة، إضافة إلى أنها تحجب الفروق و&laqascii117o;الخصوصيات" بين جنبلاط والحريري وما يمثّله كلٌّ منهما.
الأداء الحالي للحريري، شخصياً مع بعض فريقه، محسوب بدقّة رغم ما يرافقه من خطاب انقسامي غالباً ما تكون غايته الرد والتوازن مع الفريق الآخر الذي تتوزع الأدوار على أقطابه. فبينما يظهر الأمين العام لحزب الله ليناً مصحوباً مع رفع أصوات متفرّقة من جانب بعض حزبييه، يتقدّم حليفه ميشال عون لخوض معارك سياسيّة بعناوين متفرّقة، مالية أو اقتصادية أو أمنية، ومنطلقاتها طائفية كي لا تهمله التسوية.
لم تتبلور، حتى الساعة، صورة سعد الحريري &laqascii117o;رجل الدولة"، رغم مرور ما يزيد على سنة في رئاسته الحكومة، ولعله شخصياً لم ينضج لهذه المهمة التي رسم والده ملامحها السياسية والتسووية الإقليمية، إلا أنّه يتقدّم في اتجاه يسهل عليه الاقتراب من تلك الصورة. فهو يهدئ اللعب ويتكلّم بصوت منخفض كمن يسحب العصب من الأضراس الملتهبة. وبهذا، لا يكون منتظِراً التسوية، بل مهيئاً الأجواء الشعبيّة والسياسيّة والاقتصاديّة أولاً للسير بها.
لا يمكن سعد الحريري ابن رفيق الحريري وحليف السعودية و&laqascii117o;صديق" تركيا أردوغان، أن يكون عكس ذلك، أو أن يقف في مواجهة تسوية. الحريريّة على نقيض ما حملته من شعبوية خلال سنوات الانقسام، هي التسوية. غير ذلك، لا يؤسس لتآكل الحريرية أو للبحث عن دور آخر وحسب، بل إلى أزمة السياسة السعودية في لبنان والمنطقة، إضافة إلى دخول لبنان في مجهول الصراعات المذهبيّة واقتتالاتها وربما حروبها.
تتعدّد الاثقال على كتفي سعد الحريري اليوم، ففيما لم تنضج التسوية السياسية الإقليمية بعد، يقرع الاقتصاد أجراسه، ما يصعّب عليه الحركة في اتجاه سوريا وحزب الله، وحتى نحو حلفائه الذين يتناغمون معه وما زال ملتقياً معهم على عناوين لا يشاء أن تكون التسوية على حسابها، وفي مقدّمها المحكمة الدولية... للحقيقة ووقف الاغتيال السياسي، وطبعاً صيغة الحكم التي ستنتجها التسوية. أما حلفاؤه الاقتصاديون، المصرفيّون خصوصاً، فأجندتهم أكثر إلحاحاً.
هنا، مربط الفرس، فإذا كانت الحريرية، في اللحظة الراهنة، محور التسوية مع حزب الله وسوريا، فإنّها أيضاً صانع التسوية بين حلفائها (ومنهم الاقتصاديّون) والأفرقاء الآخرون. هذه قيمة مضافة لا يقدر على تقديمها إلا الحريرية، ونظرة إلى أداء سمير جعجع الآن تفسّر ذلك. المخاوفُ هنا، اقتصادياً وثقافياً وحقوقياً، على المواطن. فالتسوية السياسيّة هي توزيع أدوار وغنائم، والحريرية في بُعدها الرئيسي مشروع اقتصادي. وتجربة رفيق الحريري كانت عبارة عن مقايضة الاقتصاد بالحكم والسياسة. ففي مقابل الحكم لم تأخذ الحريرية الاقتصاد وحسب، بل وفّرت للشركاء في السياسة والحكم ولبعض فريقها في طبيعة الحال، فرصة ذهبيّة للفساد والنهب وإرهاق البلد في دين مرهِق ومتنامٍ. أمّا المواطن فلم يُرفَس ومصالحه وحقوقه وأمنه الاجتماعي وحسب، بل حوّل سهماً مذهبيّاً في الشركة حيناً وفي الحرب حيناً آخر، ودائماً في جعبة أصحاب التسوية وقادة الاقتتال.
التسوية تجدّد الحريرية. يعي سعد الحريري والسعودية، وكذلك سوريا وحزب الله وميشال عون ووليد جنبلاط وسمير جعجع، وبالطبع نبيه برّي، ذلك. وزيارة رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ببعديها الشعبي والاقتصادي، تخدم هذا الاتجاه الذي ينشط فيه سعد الحريري. ويبدو أن هنا ستجري المقايضة التي تؤدي فيها تركيا دوراً اقتصادياً من جهة، وسياسياً، سواء أكان في التسوية الإقليمية أم في الداخل اللبناني وعلى الجبهة الجنوبيّة، كعنصر &laqascii117o;مهذّب" لإسرائيل. وإذا كان ميشال عون أبرز المتوجّسين من أن تأتي التسوية على حسابه، فإنّ عليه وعلى الأفرقاء كافة، بمن فيهم المواطن، الاستعداد لإنتاج مشاريعهم ومواقفهم في المرحلة المقبلة. والأهم في هذا هو قيمة المواطن وموقعه.