قضايا وآراء » قضايا وآراء مختارة من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 5/11/2010

- 'السفير'
حالة اللاحرب واللاسلم ..من المستفيد؟
سمير كرم:

الآن وقد اصبح من الواضح ان حركة المفاوضات - بأشكالها العلنية المختلفة - مباشرة وغير مباشرة، قد اصيبت بما يشبه الشلل التام، وأن هذا الشلل التام يشمل الطرف الذي يفترض انه &laqascii117o;الدينامو" المحرك لهذه المفاوضات، وهوالطرف الاميركي، اصبحت هناك تساؤلات عديدة بشأن الخطوات التالية. بعض هذه الأسئلة كان مطروحاً قبل ان تبدأ المفاوضات، وبقي يبحث عن إجابات الى ان توقفت، وبعضها كان مطروحاً أثناء المفاوضات ولم يجد له إجابات مقنعة لهذا الطرف او ذاك. اهم هذه الأسئلة يتعلق بما اذا كانت ادارة الرئيس باراك اوباما ستستمر- بعد نتائج انتخابات منتصف الفترة الرئاسية للكونغرس - في نهج الوقوف مع اسرائيل على طول الخط، ام انها ستدرك ان اسرائيل تسببت عامدة في افشال المفاوضات، وما اذا كانت نتائج هذه الانتخابات ستشكل نكسة للادارة الديموقراطية التي يرأسها اوباما، او ان اوباما سيتحول الى اهتمام اوضح وأكبر بقضايا السياسة الخارجية تاركاً للحزب الجمهوري السيطرة على قضايا السياسة الداخلية. وبعض هذه التساؤلات يتعلق بجدوى مفاوضات تشترك فيها السلطة الفلسطينية وحدها، بينما الدلائل تشير الى ان غالبية الشعب الفلسطيني، تؤيد سياسات ومواقف المقاومة الفلسطينية، ممثلة في حركة حماس والفصائل المؤيده لنهجها، وهو تساؤل اتخذ مؤخراً صورة صريحة عما اذا كانت ادارة اوباما ستدخل في اتصالات مع حركة حماس لتأمين تأييدها لنتائج المفاوضات اذا امكن التوصل الى نتائج قابلة للحياة. وبعض هذه التساؤلات يتعلق - وهذا مجال اوسع وأكثر دقة في انعكاساته - بالمواجهة القائمة بين إيران من ناحية والولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية اخرى. وهنا فإن السؤال بالتحديد هو عما اذا كان تأييد إيران ودعمها المادي والمعنوي للمقاومة الفلسطينية يشكل عاملاً مؤثراً فى الوضع ككل، وبالتالي لا بد من اخذه في الاعتبار. وأخيراً، فإن بعض التساؤلات يتعلق بما ستكون عليه مواقف الطرف الاميركي اذا استقر رأي السلطة الفلسطينية - قبل مصالحة مع حماس وفصائل المقاومة الاخرى او بعدها - على اللجوء للأمم المتحدة لإعلان قيام دولة فلسطينية في حدود ما قبل عدوان 1967 الاسرائيلي، او في حدود قرار التقسيم الذي اصدرته الامم المتحدة عام 1949 وكان بذرة لما يسمى الآن حل الدولتين. ان هذه التساؤلات وما يتفرع عليها ستظل تبحث عن إجابات الى ما بعد اي تطور جذري يطرأ على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وعلى الدور الاميركي فيه، وكذلك على الدور الإيراني ... وهما دوران متعارضان في مقدماتهما وفي نتائجهما ولا ينتظر ان تحدث معجزة قريبة تقرب بين الموقفين الاميركي والإيراني في القضية. لهذا فإنه يتوجب علينا ان نستمر في قراءة تأثيرات الدور الإيراني منذ ان دخل الحلبة الى جانب الفلسطينيين، وهو تطوراستطاع بما يشبه المعجزة ان يبطل مفعول الموقف العربي المتراجع عن تأييد القضية الفلسطينية. وتدل هذه القراءة على ان الدور الإيراني في المرحلة الراهنة من الصراع مع اسرائيل استطاع ان يحقق نتيجة استراتيجية مؤكدة: لقد اوصل الموقفين الاميركي والاسرائيلي الى حالة عجز عن تحقيق الحرب وعن تحقيق السلام. وينطبق هذا على كل من الصراع الإيراني - الأميركي / الإسرائيلي والصراع العربي - الإسرائيلي. كم مضى من الوقت على الولايات المتحدة وإسرائيل وهما توجهان التهديدات التقليدية وأحيانا النووية الى إيران وتتراجعان عنها؟ كم مضى من الوقت واسرائيل تدّعي انها يمكن ان توجه بمفردها ضربات ساحقة لإيران تنهي برنامجها النووي وتحطم قدراتها العسكرية التقليدية (غير النووية)؟ وكم مضى من الوقت على الولايات المتحدة وهي تعلن ان توجيه ضربات الى ايران وبرنامجها النووي والقاعدة الصناعية التي يتأسس عليها هذا البرنامج هو مسؤولية اميركية لا قبل لإسرائيل بها؟ ثم كم مضى من الوقت على الولايات المتحدة تؤكد انها تفضل المفاوضات مع إيران وأن حل ازمة الملف النووي الإيراني هو مسألة دبلوماسية لا عسكرية؟ ألم يصل الأمر بإسرائيل الى حد تحديد يوم لشن هجمات على إيران لإنهاء هذا المأزق؟
الآن الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة تستعد جميعاً للتفاوض مع ايران، وأصبح بالإمكان القول إن الولايات المتحدة وإسرائيل ادركتا انهما لا تستطيعان الاتجاه نحو خيار الحرب مع ايران، وإن كان خيار السلم معها لن يتضح، الا اذا تحققت نهاية ايجابية للمفاوضات حول الملف النووي الإيراني. وفي حالة اللاحرب واللاسلم القائمة على وجهي الصراع العربي- الاسرائيلي، والايراني ـ الاميركي / الاسرائيلي تشتد حدة التآمر من الولايات المتحدة ولحساب اسرائيل على ايران وسوريا والمقاومة، على النحو الذي نراه متمثلا في الكيفية التي تدار بها المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مرحلة ما بعد شهود الزور للإيقاع بسوريا، نعني مرحلة تحويل الاتهام من سوريا في اتجاه &laqascii117o;أعضاء في حزب الله". وربما يمكننا ان نلمح هنا الحقيقة بشأن السبب الذي من اجله جرت عملية الاغتيال هذه من البداية. كذلك من الواضح ان الولايات المتحدة لا تريد ان ترى سوريا تخرج من دائرة الاتهام، في الشأن اللبناني، حتى وإن خرجت من دائرة الاتهام تحديداً فيما يتعلق بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد. وقد شهد الأسبوع الماضي هجمة اميركية صريحة وواضحة على سوريا في اعقاب تصريحات للرئيس السوري بشار الأسد. كان الرئيس السوري قد صرح بأن واشنطن تنشر الفوضى في كل بلد تتدخل فيه. ورداً على هذا التصريح الذي يصف حقيقة واقعة، انبرى المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي ليقول إن السلوك السوري في الفترة الأخيرة له تأثير مزعزع للاستقرار في لبنان والمنطقة. وقال المتحدث الاميركي إنه كان للسلوك والخطاب السوري مؤخراً &laqascii117o;تأثير مقوض للاستقرار في لبنان والمنطقة، ساهم في إشعال التوترات الاخيرة"، وأضاف &laqascii117o;نفهم ان هناك لاعبين معنيين داخل لبنان وخارجه، بمن فيهم سوريا وحزب الله وايران، قد يعتقدون انهم يستفيدون من تصعيد التوتر الطائفي في محاولة لبسط سلطتهم في لبنان". وأكد المتحدث كراولي ان استمرار سوريا في نقل اسلحة الى حزب الله وإصدارها مذكرات بشأن 33 شخصية لبنانية وأجنبية تعتبر انشطة تقوض بشكل مباشرسيادة لبنان واستقلاله". ورأى المتحدث باسم الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة تلعب دوراً إيجابياً في لبنان وفي المنطقة كلها وأن سوريا لا تلعب هذا الدور. وبطبيعة الحال فإن المنطق الذي يتحدث به كراولي لا يصمد للحقيقة خاصة وقد كان يحاول ان يرد على ما صرح به الرئيس الأسد مؤكداً حقائق ملموسة ومعروفة على مدى الفترة منذ اوائل الثمانينيات من القرن الماضي حتى الآن. وهذه الحقائق تؤكد ان الولايات المتحدة تسببت في مشكلات في كل مكان ذهبت اليه في منطقة الشرق الأوسط ومناطق اخرى. وضرب امثلة بالصومال وأفغانستان والوجود الاميركي في بيروت في بداية الثمانينيات. وقال إنه &laqascii117o;من خلال تجارب العقود العديدة الماضية فإن كل المسارح التي ذهب اليها الاميركيون تحولت الى فوضى". بالمقابل فإن المتحدث الرسمي الاميركي دخل في متاهة التفسيرات غير المجدية ولم يقدم حقيقة واحدة تدل على ان سوريا تلعب دوراً سلبياً بالنسبة لاستقرار لبنان والمنطقة. ولا يدل هذا الموقف الاميركي على تراجع صريح واضح عن محاولة اميركية اتسمت بها الفترة الاخيرة للتقرب الى سوريا على امل ان يؤدي ذلك الى تباعد بين سوريا وإيران. بل إنه يدل على ان اميركا تراجعت حتى عن مجرد الفكرة التي ترددت على ألسنة مراقبين يعرفون جيداً كيف يفكر المسؤولون في ادارة اوباما، وهي الفكرة القائلة بإمكان ان تستفيد الولايات المتحدة من علاقات سوريا الايجابية مع إيران في ان تتوسط بين طهران وواشنطن لتحقيق وضع افضل. ومعنى هذا ان الولايات المتحدة - ادارة اوباما- خضعت مرة اخرى لضغوط اسرائيلية مباشرة للامتناع عن التقرب من دمشق من اجل اتصالات افضل مع طهران، او خضعت - كما هي العادة المألوفة - لضغوط غير مباشرة لأركان اللوبي الصهيوني الاميركي للابتعاد عن هذا المسار. على اي الأحوال فقد خرجت واشنطن المرتبكة دبلوماسياً من هذه التجربة بمعرفة تدلها على الأقل على ان مسعاها لخلق مسافة - او هوة اذا امكن - بين دمشق وطهران وإصابة التحالف الاستراتيجي السوري- الايراني بتصدع هو مسعى فاشل لا سبيل الى تحقيق اي جزء منه. اصبح على الولايات المتحدة وإسرائيل ان تتصرفا على اساس ان توسيع نطاق المواقف العربية التي التزمت بها نظم اقامت سلاماً رسمياً مع اسرائيل وأخرى اقامت سلاماً ضمنياً هو هدف مستحيل. ويمثل هذا نكسة سياسية للتحالف الاميركي- الاسرائيلي نظراً لحالة الشلل التي اصابت الجهود الاميركية - الاسرائيلية عل صعيد الانتخابات المباشرة. وقد حدث هذا في وقت بالغ الحرج لادارة الرئيس اوباما التي كانت تتهيأ لتلقي هزيمة في انتخابات منتصف الفترة الرئاسية. من المؤكد أن إسرائيل تستعد من الآن لاستغلال فترة السنتين المتبقيتين من رئاسة اوباما الاولى. إن رئيساً يفقد حزبه اغلبيته في الكونغرس في انتخابات منتصف الفترة الرئاسية الاولى يتحول الى الاهتمام بالسياسة الخارجية فيعطيها الاولوية تاركاً القضايا الداخلية تقررها المعارضة وقد دانت لها الاغلبية في الكونغرس، سواء بمجلسيه او احد المجلسين. وفي ظل &laqascii117o;رئاسة السياسة الخارجية &laqascii117o; كما يسمونها، لن يكون بمقدور اوباما ان يلغي اولوية اسرائيل على ما عداها. هذه هي القاعدة الاولى للاستعداد لحملة انتخابات الفترة الثانية (2012). ويقول جيسون ابشتاين، المستشار السياسي المستقل ومدير الشؤون القانونية السابق في منظمة &laqascii117o;بناي بريث" الصهيونية في واشنطن، &laqascii117o;تستطيع ان تراهن على ان اي محاولة من البيت الابيض لاستئناف اقصى درجة ممكنة من الضغط على (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو) ستواجه بتحد بالغ الشراسة". ويقول موقع &laqascii117o;اوبن ديموكراسي" على شبكة الانترنيت ان الوسطاء الاميركيين (بين الاسرائيليين والسلطة الفلسطينية) يدركون جيداً ان الرئيس اوباما، الذي كان قد وعد بالعمل من اجل سلام عادل قد ادرك بصورة عاجلة بعد ان تسلم الرئاسة، انه لا يستطيع ان يجبر اسرائيل على ان تقدم تنازلات رئيسية. وكان قد لجأ من اجل هذا الى إقناع نتنياهو بأن ينضم الى جولة جديدة من المفاوضات بوعد بأن يحتوي الحكم الاسلامي في ايران التي تعتبرها اسرائيل تهديداً وجودياً لها. ولا حاجة هنا للتذكير بكل المغريات التي عرضها اوباما على نتنياهو مقابل ان يقبل تجميد النشاط الاستيطاني لمده شهر واحد... إنما لا بد من التذكير بأن واشنطن ستدخل ومعها اوروبا والامم المتحدة في مفاوضات مع ايران حول الملف النووي. فإذا كانت واشنطن ستحاول الحصول من ايران على نتائج لم تستطع الحصول عليها بالتهديد، فالمفاوضات الى فشل اكيد.
ولا تزال حالة اللاحرب واللاسلم قائمة. فمن المستفيد؟ يستفيد من يفهم تعقيدات التداخل بين الصراع العربي - الاسرائيلي والصراع الايراني الاميركي / الاسرائيلي. ويستفيد من يبقى على ثوابته. تستفيد المقاومة مستندة الى دعم حقيقي ثابت وقوي من التحالف الايراني - السوري معها.


- 'الأخبار'
التعطّش إلى السلطة
خالد صاغية:

من سخرية القدر أنّ المتحمّسين للسيناريوهات الانقلابيّة في لبنان ليس حزب اللّه واحداً منهم. صحيح أنّ الحزب يعدّ نفسه، على الأرجح، لكل الخيارات، لكنّ حلفاء الحزب وأصدقاءه هم الذين يَبدون أكثر حماسة لعمل شبيه بالسابع من أيّار. فإلى التصريحات والمقابلات التي تُبثّ وتُنشر كلّ يوم، والتي تهدّد بالويل والثبور، شهد انعقاد طاولة الحوار، أمس، حادثاً جديراً بالتوقّف عنده. فقد أعلن النائب محمّد رعد، ممثّل حزب اللّه على طاولة الحوار، مقاطعة الجلسة &laqascii117o;تضامناً مع" الجنرال ميشال عون الذي كان قد أعلن مقاطعته. عون يقاطع إذاً الحوار حول الاستراتيجيّة الدفاعيّة، فيتضامن حزب اللّه معه. يصبح الخبر أكثر إثارةً للاهتمام حين نعرف أنّ سبب المقاطعة هو الاحتجاج على التلكؤ في بحث ملف شهود الزور. وهو ملف يعني حزب اللّه قبل سواه، إلا أنّ ردّ الفعل الأكثر حدّة لم يأتِ من الحزب نفسه.
وعلى المقلب الآخر، يمكن أن نلاحظ الكثير من &laqascii117o;التفشيخ" في أحاديث بعض نوّاب &laqascii117o;المستقبل"، ولا سيّما مِن قِبَل لسان من لا لسان له، إلا أنّ ذلك لا يرتقي إلى دور رأس الحربة الذي ارتأى سمير جعجع أن يكلّف نفسه به دون نجاح كبير. أمّا الجبهة المسيحيّة الأربطعش آذاريّة الجديدة، فيُخشى أكثر ما يُخشى أن تأخذ على عاتقها تنفيذ ما يعجز جعجع عن تنفيذه منفرداً، أي أن تؤدي دور الصقور حين تضطرّ التوازناتُ سعدَ الحريري إلى أن يقوم بدور الحمائم.
الأرجح أنّ المسألة لا تتعلّق بتوزيع أدوار، بقدر ما تدلّ على اختلاف في وجهات النظر بشأن كيفيّة مواجهة احتمال صدور قرار عن المحكمة الدولية يتّهم عناصر من حزب اللّه باغتيال الرئيس رفيق الحريري. وليست الصدفة وحدها ما يجعل قادةً مسيحيّين يؤدّون هذا الدور العنيد، فيما يتروّى الطرفان الأساسيّان لدى السنّة والشيعة. وإذا كان التفسير الطائفيّ لهذه المسألة واضحاً، فإنّه يبدو خطيراً، وخصوصاً أنّ المثال العراقيّ ماثل أمام أعين الجميع.
كان يمكن المرء أن يتصوّر دوراً مختلفاً للقوى المسيحيّة في لبنان. دور أكثر تعقّلاً لا يلغي الاصطفاف هنا أو هناك. إلا أنّ التهميش والإبعاد عن السلطة لا ينتجان، على ما يبدو، إلا مزيداً من التعطّش إليها... حتّى لو كان تعطّشاً على حافّة الانتحار.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد