قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 21/7/2010

ـ صحيفة 'الأخبار'
فبركوا الاتّهام وسرّبوا الحكاية ثم سألوا: لماذا يتّهم الحزب نفسه؟
ابراهيم الأمين:

أسخف ما في الأمر، عندما تتحدث جماعة سعد الحريري وبقية أطراف 14 آذار عن سبب تصرف حزب الله كأنه متّهم. والأغرب، كيف يقول هؤلاء: لا أحد منا يعرف ماذا سيصدر عن المحكمة، ولا أحد منا يعرف عمّا يجري التحقيق؟ ثم يضيفون بسذاجة المتآمر: أصلاً، كل الحديث عن اتهام حزب الله يخرج من سياسيي وإعلاميي فريق 8 آذار. ولا بأس بظرفهم وهم يختمون: يتصرف السيد حسن على قاعدة &laqascii117o;كاد المريب يقول خذوني"!
في مكان آخر، يتولى الأمنيون البارزون في فرع المعلومات وفي قوى الأمن الداخلي وفي أوساط عسكرية تعمل الى جانب الحريري، شرح حقيقة الأمر، واستعادة النقاش عما أنجزه فرع المعلومات قبل ثلاث أو أربع سنوات من اختراق كبير على مستوى شبكة الاتصالات، الذي قاد الى الاستنتاج بأن منفذي جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري هم عناصر من حزب الله أو قريبون منه. ويضيفون: لكننا لسنا معنيين بالأمر، فالملف موجود منذ فترة لدى لجنة التحقيق الدولية، ومن ثم لدى المحكمة الدولية، ونحن لا نعرف الى أين وصلت الأمور.
لا بأس هنا من العودة الى الوراء قليلاً. فأول الحكاية كان مع إعلان فرع المعلومات توصله الى وجود شبكة هاتفية أو اثنتين على صلة باغتيال الحريري وآخرين. ثم جرت اتصالات مع حزب الله لاستيضاح الأمر. وبما أن فرع المعلومات يعرف جيداً أن التقارير التي أعدّها في حينه، قد تسرّبت منها نسخ عدة الى جهات عديدة، فإن الفرع يعلم تمام المعرفة أن ما نشرته لاحقاً &laqascii117o;لوفيغارو" الفرنسية، ثم &laqascii117o;دير شبيغل" الألمانية، ثم &laqascii117o;لوموند" الفرنسية وغيرها من الدوريات والمواقع الإلكترونية، كان يستند علمياً الى هذه التقارير.
أكثر من ذلك، فإن فريق الضباط الذي كان وراء هذا &laqascii117o;الخرق" خضع لتحقيق لدى لجنة التحقيق الدولية، وهو قدّم شروحاً وتفاصيل تركز على اعتبار هوية المعنيين بهذه الشكوك من عناصر حزب الله، بعدما تبيّن لاحقاً أن عناصر الفرع نفسه، كانوا قد سألوا منذ عام 2005 عن أسماء عاد فريق التحقيق الدولي التابع لدانيال بلمار وطلب مقابلة أصحابها في الشهرين الماضيين، علماً بأن فريق المعلومات كان يركّز في حينه، كما لجان التحقيق الدولية، على اتهام سوريا بالوقوف خلف الجريمة.
ثم ـــــ وهذا الفريق لا يعرف كما يقول ـــــ يبادر الرئيس الحريري الى إجراء اتصالات بقيادة حزب الله، ويثير مع السيد نصر الله نفسه المسألة من زاوية البحث عن مخرج، ويدعو كما بات معروفاً الى أن يجري العمل بقاعدة أن المنفذين هم عناصر غير منضبطين، أو عناصر سابقون، أو هم عملوا من دون علم القيادة، أو أن جهات اخترقت الحزب وزرعت هؤلاء داخل جسمه الأمني.
وبعد الحريري، يتولى دبلوماسيون وأمنيون وإعلاميون يعملون مع الحريري العودة إلى الموضوع من زاوية أن &laqascii117o;هوية مرتكبي الجريمة باتت معروفة، وواضح أنهم على صلة ما بحزب الله. ويجتهد هؤلاء في الحديث عن تركيبة الجسم الأمني في الحزب ليصلوا الى القول بأن القائد الجهادي الشهيد عماد مغنية، قد يكون هو المسؤول أو هو تصرف من دون أخذ موافقة القيادة، وهي نغمة كان التائب، لا النائب، وليد جنبلاط قد بدأها قبل استدارته، عندما اتهم مغنية بالاسم بأنه يقف خلف الاغتيالات، وأنه هو من يقود الحزب لا السيد نصر الله.
وبعد ذلك، يعود الإعلام الغربي الى التداول بالملف نفسه، ثم يتقرر إخفاء محمد زهير الصديق من جديد ليتم إخراج تصريحات له عبر &laqascii117o;السياسة" الكويتية ـــــ ما غيرها ـــــ تشير هذه المرة الى تورط حزب الله، دون سحب روايته عن تورط الضباط الأربعة وعن تورط سوريا أيضاً. لكن بما أن المصالحة السعودية ـــــ السورية تمنع تناول سوريا، فإن الحديث يقتصر الآن على حزب الله، وعلى أحد الضباط الأربعة، أي اللواء جميل السيد ما دام عنوان المرحلة يتطلب ذلك.
لم يبق زعيم أو نائب أو أمنيّ أو إعلاميّ في فريق 14 آذار إلا تحدّث عن الاتّهام بالتفصيل وغير بعيد عن كل هذه الأجواء، يحلو لنواب من &laqascii117o;المستقبل" ومن بقية 14 آذار، الحديث بصوت خافت في المجالس الضيقة: حزب الله هو الذي سيُتهم، وعندئذ سوف ننزع الشرعية عنه وعن كل حلفائه. وحتى لا يثير الأمر نقزة أحد، يخرج هؤلاء جميعاً الى الحديث عن الأمر كأنه حدث عادي ولن يكون له أثر على الوضع في البلاد. وفي الوقت نفسه، تتولى الصحافة الأجنبية، مثل &laqascii117o;نيويورك تايمز" تسريب معلومات عن مصادر في المحكمة تشدد &laqascii117o;على أن القرار إذا كان يسبّب مشاكل، فإنه على المدى البعيد يحقق العدالة".
وبعد كل ذلك، يخرج علينا فريق &laqascii117o;المستقبل" وبقيّة فريق 14 آذار بنغمة &laqascii117o;أننا لا نعرف شيئاً، وأن المؤيّدين لحزب الله هم من يتحدثون عن قرب اتهامه". لكن هؤلاء يعرفون أن مهمتهم في التسريبات على أشكالها، كما في الاستنتاجات التي خرج بها محققو فرع المعلومات، هي جعل مفاعيل القرار الظني قائمة حتى لو لم يصدر لاحقاً. أي إدخال لبنان في مناخ من البلبلة والتشكيك وإقناع الرأي العام بأن اتهام حزب الله تحصيل حاصل، لكن النقاش هو في موعد إعلان ذلك. وبهذه الطريقة، يمكن هؤلاء إن استفاقوا من تلقاء أنفسهم، أو رمى عليهم أحد دلواً من الماء، أن يقولوا إن عدم اتهام الحزب كان تحت ضغط التهديد، لكن الاتهام هو الحقيقة المنتظرة. وإذا ما قرّر طرف ما التوقف عن هذه الألاعيب، يخرج من بين هؤلاء من يردد عبارة وليد جنبلاط: سنكتفي الآن بالحقيقة لا بالعدالة!
يقول المثل الشعبي: قتل القتيل ومشى في جنازته!


ـ صحيفة 'النهار'
بعد بعد 7 أيار
عبد الوهّاب بدر خان:

كان الخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله بمثابة انذار لكل من يعنيهم أمر المحكمة الدولية، في الداخل كما في الخارج. ولعله سيتبعه بخطاب آخر قريبا، ليوجه انذارا اخيرا من قبيل 'أعذر من أنذر'. وربما يظن الامين العام لـ'حزب الله' ان تهديداته – وهي لا تزال أولية – لا بد ان تنعكس على القرار الظني الذي يشكل خلاصة عمل فريق التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، وقد يشمل ايضا الاغتيالات التي تلته.وكيف يمكن ان تنعكس على القرار؟ إما بتأجيل اعلانه، أو بمراجعة مضمونه وتعديله، فالمهم في مختلف الاحوال ان لا يتعرض لأي شخص معروف بانتمائه الى الحزب. لا موعد محددا لصدور القرار الظني، لكنه متوقع في الاسابيع القليلة المقبلة. لذلك فان التحرك ضده سيأتي على الارجح استباقيا، بل ان خطاب الجمعة الماضي كان بداية هذا التحرك، خصوصا انه شاء زرع نقطتين في أذهان الرأي العام: أولهما ان قطاع الاتصالات اللبناني مخترق اسرائيليا وان التحقيق الدولي يعتمد بشكل أساسي على هذه الاتصالات المعرضة للتلاعب والتضليل، والثانية اذا ان المحكمة الدولية باتت لهذه الاسباب مشروعا اسرائيليا. وطالما أنها كذلك فمن الطبيعي ان تستهدف المقاومة لتشويه سمعتها ولوضعها امام فتنة داخلية محتملة.هذا التأهب للتحرك الاستباقي بات في مرحلة حسم السيناريوات، وهو يشير الى وجود معلومات لدى 'حزب الله'، او بالاحرى استنتاجات من مضمون التحقيق مع عناصره بأن اتهامات ستوجه اليهم. وبالتالي فان القرار الظني سيشيع حالا عامة في البلد ينبغي التصدي لها قبل وقوعها، في محاولة لتبديد مفاعيلها، وفي هذا المجال لا بد من توظيف قضية شبكات التجسس، رغم انها غير مرتبطة بجريمة الاغتيال او حتى بعمل المحكمة. فالمعلوم ان التحقيق في الاغتيال هو الذي قاد الى اكتشاف تلك الشبكات، وليس العكس.
كان السيد حسن نصرالله محقا في ابداء غضبه ونقمته ازاء هذا الكم الهائل من الجواسيس، الذين قد يكون العديد منهم لم يكشف بعد. فهذه قضية مخزية للبنان وللبنانيين جميعا بلا استثناء، خصوصا ان 'البيئة الحاضنة' عابرة للطوائف جميعا. وعلى رغم ان السيد حسن تكلم بصفته معنيا أكثر من سواه، إلا أن من حق اللبنانيين ان يطالبوا الدولة بأن تسمعهم صوتها، فهي الجهة التي يريدون أن يستقوا منها المعلومات عن شبكات التجسس. واذا كانت سرية التحقيقات مقبولة ومفهومة، فان استغلال طرف او فريق معين لتلك التحقيقات لا يعني سوى تجهيلهم واحتقار عقولهم، فضلا عن انهم هم الذين سيتلقون لاحقا تبعات استغلال المعلومات والتلاعب بها.
وبمقدار ما ان هناك اجماعا لا لبس فيه على ضرورة الاقتصاص من عملاء اسرائيل وانزال أشد العقوبات بحقهم، بمقدار ما ان هناك انقساما في الرأي العام اللبناني بالنسبة الى مقولة ان المحكمة الدولية هي 'مشروع اسرائيلي'. كان معروفا، ولا يزال، ان هناك من يتهم اسرائيل بجريمة اغتيال الحريري، ولا جدال في أن لاسرائيل سجلا اجراميا مشهورا، لكن الحديث هو عن جريمة محددة وعن تحقيق فمحاكمة يجب ان يستندا بالضرورة الى أدلة محددة تؤدي الى اتهامات محددة، وإلا فان القرار الظني المرتقب سيكون مهزلة، خصوصا اذا كانت هناك أدلة تقود الى اسرائيل ولا يؤخذ بها او يصار الى طمسها.
هنا ايضا لا يجوز للدولة ان تبقى نعامة دافنة رأسها في الرمل، فيما يشتبك الوسط السياسي في ما لا يزال حتى الآن مجرد نقاش، لكنه مرشح لأن يتحول قريبا الى ما يشبه الانقلاب على الحكم والنظام. فالفريق الذي يعتبر نفسه متضررا من عمل المحكمة الدولية هو نفسه الفريق الذي اصطنع أزمة 2006 – 2008 وحفر الشرخ في جسم المجتمع وخوّن الفريق الآخر واستباحه، وها هو يستعد لاصطناع أزمة مماثلة ستمضي هذه المرة الى ما بعد بعد السابع من ايار 2008. ذاك ان التصدي للمحكمة الدولية، كمؤسسة دولية يشرف عليها الامين العام للأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي، سيتطلب تعطيل التعامل الحكومي اللبناني معها.
في الازمة السابقة لم تكن هناك رئاسة توافقية منتخبة، ولا حكومة 'توافقية' مقيدة بالثلث المعطل، لكن هذه التوافقية المتوفرة اليوم والتي جرى التشديد عليها باعتبارها 'ميثاقية' مرشحة للسقوط مع اطلالة القرار الظني، بين فريق سيرفض مضمونه حكما وفريق سيتقبله وسيتهم فورا بالعمالة والخيانة. بل ان الوعيد يطلق جهارا نهارا باطاحة الحكومة في سعي الى قطع العلاقة مع المحكمة. فالخطة ستستأنف هذه المرة من حيث توقف السابع من ايار 2008 لاستبدال 'استئثار' بآخر تمهيدا للاجهاز على اتفاقي الطائف والدوحة معا بافراغهما من أي محتوى.

 
ـ 'النهار'
سافاري' الجواسيس ؟!
راجح الخوري:

... لكن السؤال الذي كان مطروحا امس، بعد نشر تقرير قوى الامن الداخلي عن وقائع عمليات تعقب المتهم شربل قزي، والذي يفيد بالارقام والتواريخ المتسلسلة، كيف كانت الامور تجري قبل قيام مخابرات الجيش باعتقال قزي، هذا السؤال هو:في أي بلد نعيش نحن اللبنانيين السعداء؟ وتحت مظلة اي دولة؟ وفي حماية اي امن اذا كان الامن قد صار فعلا كما يزعم البعض، محاصصات طائفية ومذهبية؟
لماذا هذا السؤال المركّب؟
لسبب بسيط، هو ان المواطن يفهم ان يكون هناك تنافس بين الاجهزة الامنية، في مكافحة الجواسيس والعملاء، ولكن هذا التنافس يفترض ان يبقى سريا وألا يلغي في اي حال من الاحوال التنسيق الدقيق والوثيق بين كل هذه الاجهزة.
لا يعني هذا الكلام ان ليس هناك تنسيق بين الاجهزة اللبنانية، لكنه يعني بالضرورة ان الحملة التي استهدفت فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي منذ زمن بعيد، وحتى عندما انفجرت حرب نهر البارد على ما يذكر الجميع، هذه الحملة تحديدا هي التي ولّدت الانطباع ان الامن في البلد محاصصة وتنافس، وان في سياق هذا التنافس شيئا من رياح المذهبية والطائفية.
واذا كان البلد مكشوفا امام العدو الاسرائيلي، كما قال السيد حسن نصرالله، الذي كرر اشادته بعمل فرع المعلومات، في القبض على الجواسيس والعملاء، فهل من الجائز استمرار ما يبدو وكأنه 'تعددية امنية' يرافقها سياق متصل من التحليلات والتسريبات، حاول ويحاول دائما ان يطرح الظنون والشكوك حول عمل 'فرع المعلومات'؟
واذا كان تقرير قوى الامن الداخلي عن تعقب الجاسوس قزي، قد خلص الى التأكيد ان سبب التأخر في كشف هوية هذا العميل، عائد الى تأخر حصولها على قاعدة بيانات الاتصالات الهاتفية من الوزارة المختصة (!) فهل هذا يعني ان هناك فعلا تنسيقا دقيقا بين مخابرات الجيش التي وُفّقت في اعتقال هذا العميل، وفرع المعلومات، وكل من الجهازين يعمل لخدمة امن واحد ووطن واحد على ما يفترض في هذه الدولة الرائعة؟!
ليست القصة قصة 'سافاري الجواسيس' بمعنى الخروج التنافسي لاصطياد العملاء والتسابق على كشفهم. ولكن لان الامور تبدو على هذا النحو منذ زمن ويا للاسف، فقد اوحى السؤال الخطير الذي طرحه السيد حسن نصرالله وكأن 'فرع المعلومات' كان يملك معلومات عن الجاسوس قزي ولم يبادر الى اعتقاله!
لا ندري ماذا سيكون الرد على تقرير قوى الامن الداخلي، لكن من حق المواطن اللبناني ان يعرف خاتمة سعيدة تطوي الشكوك وتنفّس الاحتقان المتزايد، وخصوصا بعد القاء مزيد من الشكوك حول المحكمة الدولية واغراقها في اتهامات التسييس والخضوع للمؤامرات، وهي لم تصدر اي بيان او اشارة تتصل بكل الروايات الصحافية التي سبق ان نشرت واشارت الى تورط عناصر من 'حزب الله'، وهو ما اثار ردات فعل وتصريحات مستنكرة من كل قوى 14 آذار على ما يتذكر الجميع.
واذا كان السيد حسن نصرالله انطلق من اختراق اسرائيل شبكة الاتصالات، للقول ان حجر الزاوية في عمل المحكمة، الذي قد يقوم على قرينة الاتصالات، قد انهار، فان الذهاب الى حد الادانة المسبقة والمطلقة للمحكمة واعتبارها بؤرة مؤامرة حتى قبل ان تصدر قرارها الظني مسألة تستحق التأمل مليا، وخصوصا عندما يقرأ اللبنانيون كلاما سوريا لا يحكم على المحكمة بالاعدام سلفا كما هو حاصل في لبنان. فقد كان لافتا جدا قول الوزير وليد المعلم:
'كلنا يسعى الى كشف الحقيقة. اما اذا كان الموضوع مسيّسا ويستهدف هذا الحزب او ذاك (...) فهذا يعني تسيّسا للمحكمة وابتعادا عن كشف الحقيقة'.
واضح ان هذا الكلام لا يدين المحكمة سلفا وخصوصا عندما يقول المعلم: 'اذا ثبت تورط اي مواطن سوري بالدليل القاطع فسيحاكم في سوريا بتهمة الخيانة العظمى'، بما يعني ضمنا ان سوريا لا ترفض المحكمة بل تطالبها بالادلة القاطعة، وهذا هو المنطق المطلوب في الحرص على الحقيقة، الذي طالما اجمع عليه اللبنانيون في الاعوام الماضية!


ـ صحيفة 'الشرق الأوسط'
إلى أين يقتادون لبنان؟!
باسم الجسر:

ما هو المطلوب من لبنان؟ ومن هم المطالبون الظاهرون والحقيقيون؟ وماذا يستطيع لبنان تقديمه لمن يطالبونه بأكثر مما يستطيع أو ما يريده أبناؤه؟
الزيارة الرسمية الثالثة للرئيس اللبناني سعد الحريري لدمشق، مع وفد وزاري كبير يضم وزراء لحزبي الكتائب والقوات اللبنانية، سبقتها ورافقتها ضجة سياسية وإعلامية أطلقها الأمين العام لحزب الله وانتقلت إلى بعض وجوه 8 أيار، مستهدفة الدولة اللبنانية وأجهزة مواصلاتها وأمنها، إثر اكتشاف شبكة تجسس إسرائيلية. ولم تتوقف عند هذا بل طالت المحكمة الدولية، متهمة إياها بالتسييس والتحول إلى أداة في يد الدول الضاغطة على حزب الله وجبهة الممانعة والمقاومة. وكانت ذروتها نصيحة من أحد أبواق المعارضة (سابقا) للرئيس الحريري &laqascii117o;بأن ينسى المحكمة الدولية".
إن من يقرأ تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، خلال الزيارة الأخيرة لدمشق، يشعر بأن مياه التعاون والمودة عادت، نوعا ما، إلى مجاريها بين لبنان وسورية، بل بين الرئيس السوري ورئيس الحكومة اللبناني. ولا يسعه سوى التساؤل عما وراء هذه &laqascii117o;الهبة" المفاجئة بوجه الحكومة اللبنانية من قبل حزب الله وحلفائه بالنسبة لعدة مواضيع، كالاتفاقية الأمنية بين لبنان وفرنسا وشبكة الجواسيس التي اكتشفت (وكان من المفروض تهنئة الأجهزة التي اكتشفتها)، مرورا بتحرش بعض أبناء الجنوب بقوات حفظ السلام الدولية، وصولا إلى المحكمة الدولية التي لم يصدر عن قاضي التحقيق فيها أي قرار، حتى الآن. فمثيرو الغبار والدخان بوجه الدولة والرئيس الحريري، والاتهامات الموجهة إلى الحكومة السابقة وأجهزة الأمن، &laqascii117o;محسوبون" على سورية وإيران. وهم يعرفون أكثر من غيرهم أن اتهاماتهم ومطالبهم &laqascii117o;غير حقيقية" أو&laqascii117o;غير منطقية". ولكنهم لم يتورعوا عن إطلاقها.
ينسب البعض هذه الحملة إلى ردة فعل على العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على إيران مؤخرا. ويقول آخرون إن الهدف الحقيقي منها هو قطع الطريق على قرار المحكمة الدولية في حال تضمن قرار الظن - قبل انعقاد المحكمة وإصدار حكمها - أي اتهام لبعض أفراد حزب الله أو لأجهزة أمنية معينة. وخطاب نصر الله الأخير لم يخلُ من التلميح والتحذير، كي لا نقول التهديد، بهذا الصدد. ولكن ماذا بإمكان الحكومة اللبنانية ورئيسها بالذات أن يفعل &laqascii117o;لطمأنة" المحذرين والمهددين؟
إن المحكمة محكمة دولية أي إنها غير خاضعة لسلطة الحكومة اللبنانية، والتحقيق والمحاكمة ماضيان في مسيرتيهما. ولا يستطيع حتى مجلس الأمن إيقافهما. ولا أحد يعرف سوى قاضي التحقيق إلى أين توصلت التحقيقات. وعلى الرغم من كل ذلك هناك من يطلب أن &laqascii117o;تنسى المحكمة" ومن يحذر من تسييسها، ومن يهدد &laqascii117o;بخراب البصرة" إذا لم يعجبه القرار الظني. مع العلم بأن الاشتباه لا يعني الإدانة، وضلوع بعض الأفراد لا يعني ضلوع أحزاب ودول، ولا صدور حكم من المحكمة.
اللبنانيون يريدون طي الماضي وصفحاته، سواء تلك التي عاشوها حربا أهلية في السبعينات والثمانينات أم تلك التي عانوا منها بعد ذلك، ولا سيما تلك التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري والشخصيات السياسية والإعلامية والعسكرية. يريدون أن يطووا تلك الصفحات الدامية والسلبية، وأن يفتحوا صفحات بيضاء إيجابية. يريدون أن لا يتكرر العدوان الإسرائيلي على مرافقهم وقراهم ومدنهم، وأن لا يتكرر ما حصل في 7 أيار، وأن يجلس خصوم الأمس في حكومة اتحاد وطني، وأن يعملوا معا على بناء الدولة وتحقيق ما يمكن تحقيقه من إصلاحات ومنجزات. ولكن، لسوء الحظ، ليس هذا ما يريده البعض ممن يستوحون مواقفهم من حسابات أخرى. ممن يهدفون إلى غايات تتجاوز مصلحة هذا البلد الصغير وأماني أبنائه في السلام والأمن والاستقرار والعيش الهنيء.
إن الرئيس الحريري ومسؤولين كبارا آخرين، يتلقون، منذ أشهر، سهاما صغيرة وكبيرة، من قبل أطراف ليست راضية عن أداء الحكم رغم مشاركتها فيه. بل إن بعضها يثير قضايا ويخترع مواضيع محرجة ومفرقة للصفوف. ولقد نجحت الدولة والحكومة في تدارك المطبات الوطنية التي كادت هذه القضايا تدفعها إليها. ونكتفي بذكر مشروع إلغاء الطائفية وحقوق اللاجئين الفلسطينيين والاتفاقية الأمنية والمساعدات الأميركية والبحث عن النفط.. والخ.
ترى إلى أين يقود هذا الأسلوب في المعارضة - المشاركة في الحكم؟ البعض يقول: يقود إلى منع قيام الدولة القادرة والباسطة لسلطتها على كل أراضيها. والبعض الآخر يذهب إلى أبعد من ذلك ويتحدث عن جعل الحكم الديمقراطي مستحيلا في لبنان. وآخرون إلى تحويل لبنان إلى &laqascii117o;بلد مركزي لمقاومة إسرائيل". وغيرهم، إلى وضع اليد على الحكم بعد تعطيل صيغته الراهنة.
ولكن، هل يدرك أصحاب هذه المشاريع أن أكثرية اللبنانيين لا تسير وراءهم، ولا تشاركهم أحلامهم وأوهامهم، وأن لبنان لا يتحمل ما يضمرون أو يعدون له من مصير؟!


ـ صحيفة 'السفير'
فيلم بوليسي افتراضي طويل!
فواز طرابلسي:

كان لا بد لاقتراب موعد القرار الظني للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من أن يؤكد الاقتناع بأن الحياة السياسية عندنا تقوم على التخييل والإشاعة والشلف والتخطيط والخرافة والتخريف، والخواف والتخويف. حيث الفضيحة إن هي إلا تستير على ما حصل. وحيث التداعيات تصب لا محالة مصبّ فيلم عن &laqascii117o;المؤامرة" التي تتلبّس لبوس &laqascii117o;السيناريو" أو &laqascii117o;المشروع". شهدنا في الآونة الأخيرة عينات عن تلك المنوعات كلها تقريباً. فيما فصول مؤامرة &laqascii117o;التوطين" مستمرة، تكشفت فضيحة إقفال ملف فضيحة مصرف المدينة. واتخذ الأمر منحى إلكترونياً مقلقاً، وخطيراً، مع اكتشاف جواسيس لإسرائيل في مراكز حساسة من شبكة الاتصالات. ولم يكن ينقص الفيلم الافتراضي الطويل الذي نشاهده منذ خمس سنوات، غير خبر يزيده افتراضية. فقد تقرر تمثيل تفجير موكب الرئيس الحريري في حقل للرماية تابع للجيش الفرنسي قرب بوردو، الخريف المقبل. بذلك يرقى الفيلم الافتراضي من مستوى الخيال الفهلوي السائد حتى الآن إلى مستوى أفلام الخيال العلمي. منذ أن بدأ التحقيق في جريمة الاغتيال وعبارة &laqascii117o;تسييس" تواكبه. وللتسييس معنيان أقلا. يصعب فصل جريمة اغتيال الرئيس الحريري عن السياسة. الضحية رجل سياسي كان يتقلّد منصب رئيس الحكومة، ما يوحي ـ يوحي فقط ـ بضرورة البحث عن أطراف سياسيين أو أسباب سياسية وراء عملية الاغتيال إلى جانب أسباب ودوافع أخرى قد تكون شخصية أو اقتصادية أو سواها.
أما التسييس بمعناه الآخر فالمقصود به التلاعب بالمحكمة والادعاء والأدلة والأحكام لأغراض تتعلق بسياسات قوى وأطراف محلية أو إقليمية أو دولية أو يؤدي التلاعب إلى الانتقال من رواية اتهامية إلى أخرى على هوى التقلّبات في علاقات القوة أو التحالفات أو النزاعات بين الأطراف المعنية.
بناء على ذلك المعنى الأخير، لا بد من القول إن التحقيق والمحاكمة والمحكمة ذاتها، من حيث التسريبات المنسوبة إلى رجالاتها وما جرى تحميلها في الخطاب السياسي أو في الإعلام قد تسيّست باكراً وأذت المحكمة نفسها ومصداقيتها الأذى الكبير.
بدأ التحقيق نفسه بطريقة غريبة. أخذ المحقق الأول يبحث عن الدوافع قبل البحث عن أداة الجرم وكيفية التنفيذ. خلفه محقق قرّر البدء من البداية. وخلال ذلك تقرّر اعتقال أربعة ضباط لأربع سنوات تقريباً على تهم غير محددة تبيّن في ما بعد أنها قائمة على شهادات شهود زور فقرّرت المحكمة، حين تشكيلها، الإفراج عنهم مع أنها لا تزال تمتنع عن محاكمة الشهود الزور.
خلال تلك الفترة كلها، كانت أصابع الاتهام مصوبة نحو دمشق. ودمشق، التي ارتضت استقبال محققين وتقديم مسؤولين لديها للشهادة، ثابرت على الإعلان أن المحكمة شأن لبناني وأنها سوف تحاكم في سوريا من يثبت التحقيق اتهامه.
استجدّ حدث محلي وإقليمي ودولي أكد مدى التسييس الذي يتعرّض له التحقيق وسير المحكمة. في مناخات التقارب السوري السعودي، وتولي النائب سعد الحريري رئاسة الوزراء عقب الانتخابات النيابية، وزيارته العاصمة السورية، انعطفت الرواية السائدة في التحقيق نحو توجيه الشبهات وجهة حزب الله. وبغض النظر عمّا إذا كانت الأدلة المعتمدة لذلك قديمة أو مكتشفة حديثاً، كانت المفاجأة أن يعلن الانعطاف في مقالة في مجلة &laqascii117o;دير شبيغل" الأسبوعية الألمانية.
ولكن إذا كان هذا برهانا قاطعا على سماح المحكمة لنفسها بأن تتسيّس، وأن تتولى أطراف محلية وإقليمية تغيير وجهة الشبهة من طرف إلى طرف، هل يبرّر ذلك الرد على التسييس بمزيد من التسييس؟
تساءل حزب الله على حق لماذا لم تتجه أنظار المحكمة مرة تجاه أي طرف آخر غير سوريا، بما في ذلك إسرائيل. ولكن ثمة فارقاً كبيراً بين هذا التساؤل وبين اتهام المحكمة بأنها
&laqascii117o;مشروع إسرائيلي". خصوصاً أن الحجج على ذلك ليست بالحاسمة. لا من حيث التصريح الذي أدلى به رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الذي يتوقع شهر أيلول حاراً في لبنان. ولا مجرد اكتشاف ثلاثة عملاء لإسرائيل في إحدى شبكتي الاتصال، اعترف اثنان منهم أقلاً بأعمال تجسس موصوفة. فإذا كان يمكن الإثبات بأن إسرائيل تسيطر على شبكة الاتصالات اللبنانية سوف يشكّل ذلك تبرئة لأي اتهام، مهما كان نوعه، يقوم على مجرد الأدلة الإلكترونية.
لا شيء يبرّر التهوين الذي عالج به أطراف في الموالاة مسألة الجواسيس. لكن الاتهامات المتبادلة بين الطرفين كأنها تفترض أن كليهما، حزب الله وخصومه، يعرف حيثيات التحقيق كاملة. علماً أن هذا كله يتم قبل أن تبدأ المحكمة أعمالها. وقبل أن يصدر القرار الظني ويستدعى الشهود ويبدأ الدفاع برد اتهامات الادعاء ويجري تداول الأدلة والبراهين والقرائن ونقضها، وصولاً إلى صدور الأحكام.
ولا بد من الملاحظة أن التسييس يزداد عندما يحذر وزير خارجية سوريا وليد المعلم من &laqascii117o;استهداف المحكمة هذا الحزب أو ذاك في لبنان أو سوريا فهذا يعني تسييساً لها وابتعاداً عن كشف الحقيقة". والافتراض هنا بأن السبيل الوحيد لكشف الحقيقة يبدأ بتبرئة كل حزب من الأحزاب في سوريا أو لبنان من تهمة الضلوع في جريمة الاغتيال!
هكذا يتداعى التسييس، في سجال يتراوح بين التذكير بقرينة البراءة، للتهوين من ارتكابات جواسيس الاتصالات ومدى الاختراق الإسرائيلي لشبكتها، وبين اتهام القرار الظني والمحكمة سلفاً بزرع &laqascii117o;الفتنة" بين اللبنانيين. ويتلاقى سيناريو كلا الطرفين على اتهام الآخر بالفتنة. في &laqascii117o;قراءة" الجنرال ميشال عون المؤامراتية أنه سوف يتولّد عن القرار الظني توتر داخلي لبناني ـ لبناني ثم لبناني ـ فلسطيني. وإذ يصدر القرار الظني، ينطلق عمل عسكري إسرائيلي واسع النطاق يضع المقاومة رهينة نارين. وتأكيداً على ذلك، سوف تتحرك &laqascii117o;قوى إسرائيلية" في &laqascii117o;البيئة المسيحية" وتتحرك مجموعات أصولية فلسطينية &laqascii117o;لرسم وقائع جديدة في ساحات محددة، ويصبح مشروع الفتنة في لبنان مفتوحاً على أكثر من احتمال". أما السيناريو المعاكس فيفترض أن المعارضة سوف تستبق القرار الظني بمحاولة انقلاب على غرار السابع من أيار 2008 تطيح الحكومة أو تفرض تعديلها بما يرجح سيطرة &laqascii117o;المعارضة" عليها.
يتساوى هذا السيناريو وذلك من حيث تجهيل الفاعل والأهم من خلال التخييل الانقلابي. وكأن حكومة الوحدة الوطنية لم تحلّ شيئاً من ذيول الأحداث التي أدّت إليها. والأغرب أن لا أحد ينشغل بتفحص هذا السيناريو أو ذاك، أو بالكاد. ذلك أن السيناريو، مثله مثل العسل، برهانه منه وفيه. ثم أن لا أحد يغلّب نفسه محاسبة الذي &laqascii117o;يقرأون" السيناريوات الإقليمية والدولية، بما هي نوايا ومشاريع ومخططات، عندما يتبيّن أن حساب السيناريو لم ينطبق على حساب الفيلم الحقيقي ناهيك عن حساب مجريات الحياة.
إن بعض الظن إثم، يقول أصحاب السيناريوات الافتراضية. الظن هو الطريق إلى اليقين، تقول حكمة أخرى. وهي الحكمة التي يقوم عليها افتراض آخر ليس إلكترونياً، هو افتراض قيام دولة الحق والقانون والعدالة التي يزعم الطرفان العمل على بنائها.
فهل يترك لنا أصحاب السيناريوات من الطرفين الفرصة لمشاهدة فيلم المحكمة إلى نهايته؟ فنكتشف القاتل أو ندرك على الأقل أن البوليس عجز عن اكتشافه؟ أم أن كل &laqascii117o;سيناريست" سوف يصر على أن يفرض علينا السيناريو الخاص به؟ فيتعارك أنصارهما في الصالة فيتوقف العرض؟ أو تحترق السينما!


ـ 'النهار'
المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل': مناقشات ومواقف
بقلم صالح المشنوق ( ناشط سابق في تيار المستقبل):

رسالة الى سعد رفيق الحريري
دولة الرئيس،
لم أتصور يومأً انني قد اخاطبك عبر رسالة علنية. أو أقله لم أعتقد انني قد أكتب لك أو عنك الا دفاعا وايمانا بالمشروع السياسي الذي تربعت على عرشه واعتبرته انا رسالة مقدسة شغلت افكاري ويومياتي عبر السنين الخمس الماضية. فأنا لم اكن يوماً من الداعين الى اظهار متاعبنا ومشاكلنا وسيئاتنا بشكل قد يستفيد منه الخصوم لمآرب لا علاقة لها بإصلاح بيتنا الداخلي والتطور بأهدافنا السياسية الى الامام. ولكن ما حصل في الاسابيع القليلة الماضية دفعني الى اخذ هذا الخيار الذي لا يأتي الا في اطار الحرص على نجاحك على اعتباره اساساً طبيعياً لنجاحنا جميعاً. والاسباب التي اوصلتني الى كتابة هذه الرسالة متعددة.
اولا فإن الكلام من داخل اطار 'البيت الواحد' لم يعد متاحا. اقول هذا بعد ثلاث سنوات من المحاولات المتكررة لاظهار جوانب الخلل والتي لم تأتِ بأي نتيجة – بل توجت بفضيحة تمثلت في الطلب من قيادات التيار مراجعة نص النظام الداخلي المرتقب لتيار المستقبل المؤلف من مئة صفحة مدة سبع دقائق قبل الشروع في مناقشته مع الذين تولوا اعداده.
السبب الثاني هو ان المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد اليوم لم تعد مرحلة لا يعلو فيها صوت فوق صوت المعركة، بل إن الاجواء الهادئة والاستقرار النسبي يجب ان يفتحا الباب امام مناقشة شاملة بل وحتى مراجعة متكاملة لكل تجربة السنوات الخمس التي مضت.
السبب الثالث هو ان الانتخابات البلدية الاخيرة – اي نسبة التصويت في بيروت وهزائم البقاع والشمال – قد كشفت معلماً من معالم حالة الانهيار التي يعيشها تيار المستقبل وجمهور رفيق الحريري.
اما السبب الرابع والأهم هو ما حصل اخيرا في مدينة رفيق الحريري في الشمال التي شهدت انتخابات فرعية على المقعد الذي شغر عند وفاة النائب هاشم علم الدين رحمه الله. لن اناقش في كم التصريحات الفارغة التي اطلقتها مجموعة من قيادات التيار التي اشادت بالانتصار العظيم الذي تحقق في الانتخابات. بل انني اريد ان اؤكد على الحقيقة الموضوعية التي تقول بأن تقريباً نصف جمهورك في تلك المنطقة صوّت للمرشح شبه الرسمي لـ'حزب الله' والذي عرف عنه وضعه لصورة السيد حسن نصرالله في منزله والذي أقام مجلس عزاء للقائد العسكري في حزب الله عماد مغنية عند استشهاده.
فأهالي هذه المنطقة الذين وقفوا الى جانبك منذ دخولك العمل السياسي وجدوا أن الكثيرين منهم قرروا إعلان الولاء السياسي لحزب الله إما اعتراضاً عليك أو على مرشحك أو على ما يظهر من رؤيتك السياسية. وبذلك يكون هذا الحدث أول إعلان رسمي عن امكانية إرتماء الجزء الاكبر من جمهورك في أحضان حزب الله ومشروعه السياسي بسبب حال الانهيار الذي يعيشه تيارك ومؤسساتك ونهجك السياسي. وفي هذا خطر استراتيجي وجودي علينا جميعاً يتعدى طبيعة النقاش الداخلي حول التفاصيل.
لذلك فإنني قررت أن أكتب لك - مع كل ما قد يترتب عليّ من تداعيات بسبب محبة الناس لك وضعفهم تجاهك - فاتحاً بذلك النقاش الداخلي وإن علنياً حول واقع ومستقبل جمهور رفيق الحريري ورؤيته الوطنية. لا ينبع هذا النقاش من أي خلاف لا على شخصك ولا على خياراتك الاستراتيجية الاساسية، بل على العكس، فإنه يهدف الى تمتين وانجاح هذه الخيارات وتحصين قيادتك لها. ولذلك فإنني - وباسم هؤلاء - أود طرح البعض فقط من العناوين المتصلة بالحالة التي نعيشها  اليوم. لن أتطرق الى كل ما حصل قبل منتصف العام 2008، ليس لقلة أهمية الاخطاء التي ارتكبت آنذاك بل لأن هذه المراجعة تسعى حصراً الى تصحيح الخلل القائم اليوم وهي بدورها متصلة بشكل مباشر بالاحداث التي بدأت في أوائل ذلك العام.
إن العناوين الواردة في نص هذه الرسالة لا تمثل كل الملاحظات او الاعتراضات الموجودة عند جمهور رفيق الحريري. ولا هي مدرجة وفق ترتيب الاهمية او مصنفة تبعاً لطبيعة موحدة بل انها أكثر العناوين المنتشرة في ذهن وعلى ألسنة مناصريك.
1- احداث أيار او اتفاق الدوحة.
2- وجودك في رئاسة الحكومة.
3- تيار المستقبل كمؤسسة؟
4- ادارتك للملفات الاستراتيجية الاساسية.
5- ادارتك للمؤسسات المؤتمن عليها.
6- الفساد والمال السياسي.
7- مستوى التمثيل النيابي والوزاري والسياسي.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد