القاهرة – محمد علاء الدين
بعد ثورتين متتاليتين شهدتهما مصر خلال أربع سنوات فقط، عرف الإعلام المصري حرية لم يذق طعمها خلال السنوات الماضية. فالأحداث المستجدة انعكست على أداء القنوات وتوجهاتها، علماً أن ثمة من يطالب بحرية أكبر للإعلاميين المصريين. وعن هذه المسألة، علّق الإعلامي المصري يوسف الحسيني، بأن الإعلام يشهد حرية غير مسبوقة في مصر، وأن الدولة المصرية لا تتدخل في العمل الإعلامي، على رغم أن غالبية الإعلام تشهد حالة من الانفلات. وانتقد تنحّي بعض الإعلاميين عن المشهد في الفترة الأخيرة، واصفاً ذلك بالتخاذل عن المواجهة وتحريك الرأي العام والمساعدة في إيضاح الصورة وبناء العقول، التي هي واجب الجماعة الصحافية والإعلامية.
وقال الحسيني في هذا الإطار، أنه يسعى من خلال برنامج &laqascii117o;السادة المحترمون" على فضائية &laqascii117o;أون تي في" المصرية، الى تأكيد أن قضية العالم العربي المركزية هي &laqascii117o;الصراع العربي الصهيوني". وأشار لـ &laqascii117o;الحياة"، الى أن ما يردّده بعض الإعلاميين من تغيّر المناخ على مستوى الإعلام هو كلام غير منطقي، داعياً المتنحّين إلى فضح أسباب تنحّيهم ومن وراءها من جهات وما شابه، إن وجدت.
وأوضح أن الإعلام المصري لم يقم بتغطية عملية &laqascii117o;حق الشهيد"، لأن الجيش المصري لم يرد للإعلام أن يغطّيها، بسبب ما وصفه بالمطبّ الصحافي والإعلامي على خلفية تغطية حادث الشيخ زويد الذي وقع في رمضان الماضي. وقال الحسيني: &laqascii117o;للأسف، الإعلام المصري تناول حادث الشيخ زويد، في شكل أبعد ما يكون من المهنية والاحتراف، ضربوا الأرقام في الهواء، نقلوا تصريحات عن جيش الدفاع الصهيوني أو الصحف لديهم، ما أدى إلى خلق بلبلة، أثرت سلباً في الروح المعنوية العامة، والقوات المسلّحة المصرية، وأعتقد أن الجيش آثر السلامة، وأراد أن تكون الأمور صادرة منه رسمياً".
وعلّق الحسيني على مسألة تأخّر ميثاق الشرف الإعلامي الذي أشار إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أخيراً في خطاب &laqascii117o;احتفال أكتوبر" قائلاً: &laqascii117o;خريطة الطريق تكونت من أربع نقاط، آخرها إقامة مجلس وطني للإعلام وقانون ينظّمه، وعليه تم تكوين لجنة مؤلفة من أساتذة ومشايخ المهنة، وطرحت وسائل الإعلام المشاريع الفردية على اللجنة وحكومة المهندس إبراهيم محلب التي لم ترد مطلقاً، وعلى الرئيس أن يسأل رئيس الوزراء الحالي شريف إسماعيل، لتقرّه وتعتمده ويكون فاعلاً". وكشف أن السيسي اختار هذا التوقيت للإشارة إلى ميثاق الشرف، بسبب الفوضى التي يراها الرئيس، والتي تعدت مرحلة الإعياء إلى المرض، بسبب السب والقذف على الهواء، الى درجة أن هناك من يسجّل المكالمات الشخصية وينشرها، ضارباً القانون والدستور عرض الحائط، وهناك من يتّهم الناس بالخيانة من دون أدنى دليل.
اعتداء نيويورك
وعلّق الحسيني على الاعتداء عليه مع عدد من أعضاء الوفد الإعلامي المرافق للسيسي في زيارته الأخيرة الى نيويورك قائلاً: &laqascii117o;ما حدث متوقع من هذه الجماعة المتطرفة، في ظل القوانين الحاكمة لشرطة نيويورك تحديداً، والتي تسمح بالسب والقذف باعتبارها ذلك حماية لحرية الرأي والقانون، والاعتداء الذي وقع عليَّ لا يعتد به ما دام لم يُحدث إصابة أو ترك علامة على الجسد أو ترتبت عليه إصابة تسمح بدخولك المستشفى، وغير ذلك لا تتدخل".
وأضاف: &laqascii117o;شرطة نيويورك تقاعست عن أداء الواجب الى درجة مريبة، وأنا والإعلامي محمد شردي، احتدّينا على الملازم الموجود في قسم الشرطة، وطالبناه بالتحقيق، وقلنا له إننا سنرفع دعوى قضائية ضد القسم وشرطة الولاية، وبالفعل حرّكنا دعوى قضائية من طريق إحدى شركات المحاماة هناك، والخارجية المصرية قدمت احتجاجاً، وفي النهاية القصة تتلخص في حماية حقوق الصحافيين وتوافر الحرية التامة أثناء تأدية المهام، والاعتداء في رأيي كان على آرائنا وليست على أشخاصنا".
وأكد الحسيني أن الاعتداءات التي تعرّض لها وعدد من الإعلاميين مراراً، ربما سببها تأييده ما حدث في 30 يونيو ومناصرته الرئيس السيسي، وأنه أكثر ضراوة وشراسة في أسلوبه بخاصة مع الإخوان، وأنه أول من ردد &laqascii117o;يسقط مرسي ومرشد الإخوان على الهواء". ونفى ما تردد في شأن إسقاط الجنسية المصرية عن المصريين المعتدين على الوفد الإعلامي، مؤكداً أنها مجرد إشاعات، ولم يصدر عنه أي تصريح أو إجراء يخصّ ذلك.
لا حياد
وفي رده على بعض الانتقادات التي تتّهمه بالخروج عن المهنية، قال الحسيني: &laqascii117o;ماذا يعني أننا نخرج عن المهنية إذا كانت أي صحيفة فيها كتاب مقال ولهم آراؤهم واستنتاجاتهم؟ هل المقال حكر على الصحافة المكتوبة دون غيرها من المرئية مثل التلفزيون؟ وأين التلفزيون المحايد في العالم؟ الإجابة: لا حياد في الإعلام، ولا في الدنيا كلها ولا أي عمل تقوم به، ولا حتى الفلاسفة ولا الأدباء لديهم حياد، الحياد في الخبر فقط على مستوى الصحافة ولا رأي فيه، ولو فتّشت سترى أن الخبر أيضاً يكون منحازاً".
وأردف: &laqascii117o;تختلف أم تتفق معي فهذا حقك، لكن لماذا تسبّني؟ لا أحب المجاملة، ولا أن يمدحني أحد، أنا منحاز الى مجموعة أفكار وأنا صريح أمام الناس بهذا الانحياز، والموضوعية الحقيقية هي أن تصارح المشاهدين بهذه الأفكار، حتى تكون واضحاً ويفهمك الناس". وأكد أنه سيتعامل مع الانتخابات البرلمانية المقبلة، بما وصفه بالشراسة المعهودة والإنصاف المعروف: &laqascii117o;نحن أناس منحازون الى الأحزاب المدنية وضد الأحزاب العقائدية". واستنكر الحسيني بيان &laqascii117o;حزب النور" الذي هاجم فيه لجنة الرصد الإعلامي التابعة للجنة العليا للانتخابات ووصفها بالسكوت على المخالفات، مؤكداً أن الشعب المصري لا ينسى المخالفات التي ارتكبها الحزب تجاه الشعب المصري.
واستبعد الحسيني ما يعتبره بعض أساتذة الإعلام سحب المواقع الاجتماعية &laqascii117o;السوشال ميديا" البساط من الإعلام التقليدي في المستقبل، &laqascii117o;لم يحصل ذلك في أميركا والغرب منذ انطلاقة هذه المواقع، ولم تتّجه الصحف العالمية إلى الاكتفاء بها إلى الآن".
ودعا إلى إعادة هيكلة التلفزيون المصري المملوك للدولة، وضرورة إيجاد خطة تطوير حقيقية، توفر فقط قناة عامة، وإخبارية، ودولية، ومحطة راديو واحدة، بدلاً من أربعين محطة. وأوضح أن القرار الصارم لم يُتخذ بعد على مستوى تطوير التلفزيون الحكومي، بسبب وجود أولويات رئيسية وفي مقدّمها التنمية، والاستقرار الأمني، وأن الإعلام لم يُتخذ إلى الآن ضمن هذه الأولويات.
ورأى الحسيني أن تغطية الإعلام الأجنبي الشأن المصري، تتّسم بالانحياز ومهاجمة السياسات الحكومية، بسبب تقصير منظومة الإعلام المصري الذي يخاطب نفسه فقط، وعدم استعانته بالخبرات الحقيقية المصرية والعربية والعالمية أيضاً. وأكد أن الدور الواقع على عاتق الإعلامي، البحث عن الحقيقة وتقديمها إلى المجتمع، مع الكشف عن الانحيازات في شكل موضوعي، والعمل على المنافسة من أجل النجاح.
المصدر: صحيفة الحياة