قضايا وآراء » غرّد مثل ABC: مخلوقات فضائيّة تدمّر إسرائيل

ملاك حمود

وجّه مستخدمو «تويتر» انتقادات شديدة اللهجة لمذيعة قناة «إيه بي سي نيوز» الأميركية دايان سوير، إثر «الخطأ» الذي ارتكبته، عندما استعانت بصورة لفلسطينيين وسط أنقاض منازل دمّرتها «إسرائيل» قبل أيّام، مشيرة إلى أنهم مدنيّون إسرائيليون، ذهبوا ضحيّة قصف «حماس». لنستعد القصة من البداية: يوم الثلاثاء الماضي، بدا وجه سوير متجهّماً، وظهر الحزن العميق في عينيها، خلال تغطيتها أخبار «الحرب على إسرائيل»، ضمن نشرة «وورلد نيوز» التي تقدّمها يومياً. تمرّ على الشاشة أثناء تعليق سوير على الأحداث، صورة لشابّين فلسطينيين يحملان ما تبقّى من أغراض عائلتهما، بعد تدمير القصف الإسرائيلي منزلهما في غزة. قالت سوير: «هُنا عائلة إسرائيليّة تحاول إنقاذ ما يُمكن إنقاذه». تلك الصورة، كما افترضت المذيعة الأميركية، هي لعائلة إسرائيلية دمّرتها «حماس». بقيت غزّة، هذه المرّة أيضاً، خارج إطار الصورة.
وللمفارقة، فإنّ الصورة تم التقاطها لمصلحة وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، تحت عنوان: «فلسطينيان يحاولان إنقاذ ما تبقّى من ممتلكاتهما من تحت أنقاض منزلهما الذي دمرته غارة جوية إسرائيلية الليلة الماضية في غزة»، ما يعزّز فرضيّة الفبركة المتعمّدة التي تزاولها وسائل الإعلام الأميركية عندما تكون إسرائيل في قلب الحدث. أثار «الخطأ» موجة غضب وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أجبر «إيه بي سي» ومذيعتها على الاعتذار. اعتذارٌ جاء متأخراً يومين، ولم يمحُ آثار الخطأ الفادح الذي ما زال المغرّدون على «تويتر» يسخرون منه حتى هذه اللحظة.
وفي سياق تلك السخرية من القناة الأميركيّة، انتشر على نطاق واسع وسم بعنوان TweetLikeABC (غرّد مثل «إيه بي سي»). بلغت التغريدات عبر ذلك الوسم الآلاف، وشارك فيها مستخدمون عرب وأميركيون ومن دول أخرى. يحاكي المغرّدون عبر الوسم مبدأ تبديل الحقائق وتزويرها، بطريقة ساخرة، من خلال المزج بين صور متخيّلة، وصور حقيقيّة من العدوان على غزّة. هكذا، استدعى المغرّدون المناصرون لفلسطين مخلوقات فضائية في صور مركّبة، وغرّدوا على طريقة «إيه بي سي»، معتبرين أنّ تلك المخلوقات عناصر من «حماس» تهاجم «إسرائيل». وغرّد آخرون على الوسم ذاته، واضعين صور لانفجارات قنابل نووية أحدثتها «حماس» في «إسرائيل». ودائماً على طريقة اختراع الأكاذيب، أدخل بعض المغرّدين المركبات الفضائية إلى الصورة... فهناك اجتياح فضائي لـ«إسرائيل»، والعالم يتفرّج، ولا يحرّك ساكناً! «ندعو بالشفاء العاجل لإسرائيل»، كتب أحد المغرّدين، مرفقاً تغريدته بصورة لدمار كبير مأخوذ من فيلم هوليوودي، على اعتبار أنّ ذلك ما تحدثه صواريخ فصائل المقاومة. أحد المغرّدين قال: «طفل إرهابي فلسطيني يهاجم دبابة إسرائيلية بحجارة يبدو أنها خطيرة». وكتب آخر: «بدأت «حماس» ببناء جدار فصل عنصري وسرقة المياه الإسرائيلية».
ما ورد عبر وسم غرّد مثل «إيه بي سي»، كان ردّاً قوياً من الإعلام البديل، على البروباغندا الأميركيّة في إعلام الـ«ماينستريم». ربما يجدر ببعض القنوات الأميركيّة أن تتكيّف مع هذا النوع من السخرية في المقبل من الأيام، لأن أحداً لا يتوقّع أن يتغير شيء في تغطيتها. وما دامت الحرب مستمرة، سيبقى الإعلام الأميركي، على وجه الخصوص، متصدراً حرب الفبركة. لكنّ الإعلام التقليدي كلّه أصبح تحت مجهر وسائل التواصل الاجتماعي، التي يبدو أنّها لا تنفكّ تمارس دورها في محاولة ترميم الصورة الحقيقية. لا جديد في الانحياز الأميركي للرواية الإسرائيلية، وفي محاولته خلق أعذار واختلاق روايات لمصلحة الكيان الصديق. ولكن أيّ دور لذلك الإعلام، أمام «ثورة» السوشل ميديا؟
المصدر: صحيفة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد