افتتاحيات » العميد

من موقع بلدته الاستراتيجي المطل على البحر المتوسط، استشرف منذ صغره عشق فلسطين، ودفعته حماسته وشجاعته المبكرة إلى امتشاق السلاح وسلوك درب النضال على أمل أن يكتب مع الشهداءن ولكن مشيئة الله أرادته أن يكون أسيراً مناضلاً في سجون العدو، وأن يكون عميداً للأسرى.
ربع قرن من الزمن  قضاها خلف قضبان الطاغوت، ولكنها لم تفت من عزيمة المناضل سمير القنطار، قائد عملية جمال عبد الناصر (22/4/1979) التي نفذتها جبهة التحرير الفلسطينية في مستعمرة نهاريا بهدف أسر جنود صهاينة لمبادلتهم بمقاومين معتقلين في سجون العدو الإسرائيلي.  
العميد، صاحب مسيرة طويلة في النضال، وذو ميلاد متجدد، ولادته الأولى كانت في العام 1962، وولادته الثانية كانت في 25/12/1978 بعد إطلاق سراحه من سجون العدو الإسرائيلي بعد اعتقاله على الحدود الأردنية في منطقة بيسان أثناء قيامه بعملية عسكرية، وأمضى قرابة السنة أسيراً في سجون العدو الصهيوني  في فترة أسره الأولى.
هذا الإعتقال لم يمنعه من الإستمرار في درب النضال على طريق تحرير فلسطين إذ انه بعد أربعة أشهر من إطلاق سراحه، قاد في ربيع العام 1979 عملية نوعية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، رداً على الاجتياح الصهيوني الأول للبنان،  وأدت  العملية إلى مقتل ستة صهاينة بينهم عالم الذرة الإسرائيلي داني هاران، وقائد دورية صهيونية، وإصابة ما لا يقل عن اثني عشر بجروح، بينهم قائد قطاع الساحل والجبهة الداخلية الشمالية الجنرال (يوسف تساحور) حيث أصيب بثلاث رصاصات في صدره ونجى بأعجوبة.
بعد هذه العملية النوعية كان همّ قادة العدو الانتقام من سمير القنطار، "انتقاماً لم يخترعه الشيطان" كما قال رئيس حكومة العدو آنذاك مناحيم بيغن، وحاول الإسرائيليون تطبيق عقوبة الإعدام  بحقه، ولأن القانون الإسرائيلي يمنع الإعدام أصدرت ما سميت المحكمة الإسرائيلية المركزية في "تل أبيب"في 28/1/1980 حكمها بخمسة مؤبدات أضيف إليها 47 سنة أي ما يعادل 542 عاماً، في حكم هو الأغرب من نوعه.
ولكن طول مدة الحكم لم يضعف عزيمة القنطار وبقيت عزيمته قوية ومعنوياته مرتفعة، وهو لم يبد أسفاً أو ندماً إلا على أنه لم يمنح شرف مواجهة الاحتلال الصهيوني أثناء اجتياحه للبنان عام 82 بعدما منح شرف مواجهة الاجتياح الأول عام 78، وأنه لم يشاهد اندحار العدو من جنوب لبنان في 25 /5/2000 .
عميد الأسرى، لم يترك سجناً إسرائيلياً إلا ونزل فيه، وأساليب التعذيب تركت آثارها على جسده المصاب بخمس رصاصات خلال مواجهته البطولية في نهاريا، وأضافت إليها مرض الربو، ولكنه تغلب على الألم وحوّله إلى أمل استمده من المقاومين الذين وحدهم هم القادرون على تحرير الأرض والأسرى بعزيمة سواعدهم وقوة شكيمتهم.
في داخل زنزانته الضيقة الممزوجة بالعتمة والرطوبة وتداخل الليل بالنهار، كان له العديد من النضالات لتحسين ظروف سجنه ورفاقه، فكان أحد رواد حركة الأسرى العربية، وتمكن بعد إضراب استمر تسعة عشر  يوماً من انتزاع حرية التعلم بالمراسلة، ونال في حزيران/ يونيو من العام 1979 إجازة بمادة العلوم الإنسانية من جامعة "تل أبيب"، ويتابع حالياً دراسته العليا.
خمسة وعشرون عاماً في المعتقلات، والقنطار ما زال لديه قناطير من الصبر والصمود لا سيما في هذه اللحظات الحرجة، وخصوصاً أنه بات العقدة التي قد تفجر عملية التبادل، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة. 

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد