مقابلات » الرئيس الجميّل لـ’العهد’: لتمتين العلاقات بين الكتائب وحزب الله

حمزة الخنسا

يُكرّس الرئيس أمين الجميّل وقته وجهده لمؤسسة 'بيت المستقبل'، التي أعاد إطلاقها في 15 أيار 2015. بعدما سلّم راية 'الكتائب' الى نجله النائب سامي الجميّل، حوّل رئيس الجمهورية الأسبق سرايا بكفيا التاريخية الى خلية نحل لتحقيق هدف جعل 'بيت المستقبل' أحد المرجعيات الفكرية لحركة المجتمع في لبنان والعالم، ومساحة حوار وملتقى لكل الأطراف بعيداً عن لغة السلاح من أجل الوفاق اللبناني، وسعياً لإشراك النخب العلمية والفكرية في وضع استراتيجيات حلول للمشاكل الكثيرة التي تعاني منها دول المنطقة وشعوبها.

على هامش ندوة 'مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو: نظام جديد للشرق الأوسط؟' التي عُقدت في 'بيت المستقبل' في سراي بكفيا يومي 20 و21 أيار المنصرم، كان من الصعب إلهاء الرئيس الجميّل عن متابعة أدق التفاصيل المتعلّقة بالندوة بدءاً من الإشراف على الجلسات ومتابعتها، وصولاً الى أوقات الاستراحة والغداء، فكان أن ضُرب موعد وآلية محدّدة لإجراء جولة أفق على المستجدات على الساحتين المحلية والدولية.

بدايةً، يؤكّد الرئيس الجميّل أنه في ظل الاصطفافات الداخلية والتحالفات الإقليمية والدولية، يقف 'حزب الكتائب' مع نفسه ومبادئه وأهدافه التأسيسيّة، وهي السيادة والديمقراطية والعدالة الاجتماعيّة. ويؤكّد أن 'هذه المعايير هي التي تحدّد تحالفاته، فحزب الكتائب ليس محترف تغيير مواقع ولا هاوي نقل البارودة من كتف الى كتف، هذا الحزب يشهد له تاريخه أنه مع مشروع لبنان، الوطن النهائي لجميع ابنائه، بالتالي لا نعمل على القطيعة في تحالفاتنا بل نرسّخ المشروع الوطني'. وفق الجميّل فإن 'هذا لا يعني الانحباس في مربع معزول، على العكس هذا يعني الخروج الى مساحة مشتركة مع الشريك الآخر'.
ورأى أن 'ليس المطلوب تفكيك التحالفات (الموجودة على الساحة اللبنانية) أو الانقلاب عليها، بل من الملح توسيع شعاع التفاهمات لأن اوضاع المنطقة لا تسمح في ترف لبناني لا عند ٨ (آذار) ولا عند ١٤ (آذار)'. واكد على أن 'دقة اللحظة الاقليمية تستدعي بشكل عاجل وفوري وطارىء انتظام عمل المؤسسات بدءاً بتوافق وطني على انتخاب رئيس للجمهورية'، وشدّد على أن 'هذا ليس مطلباً فوق العادة بل هو واجب دستوري قبل اي شيء آخر'، قائلاً: 'فلنتحد وطنياً اما بالتوافق او بالاكثرية لانتخاب الرئيس وإنتاج قانون للانتخابات وإعادة الديمقراطية الى مجلس النواب بالانتخاب لا بالتمديد، وتشكيل حكومة منبثقة عن أكثرية نيابية'.

الاستحقاقات الانتخابية: الرئاسة أولاً

بالطبع، لا يفوت الرئيس السابق لحزب 'الله، الوطن، العائلة' وضع النقاط فوق حروف الاستحقاقات الانتخابية المُعلّقة، بدءاً من الرئاسية وصولاً الى النيابية، خصوصاً بعد نجاح التجربة البلدية. في مقابل الجدال الحاصل حول أيّ من الاستحقاقين أولاً، الرئاسي أو النيابي، يؤكد الجميّل الأب أن 'المسألة ليست مسألة رأي بل قضية دستور، والدستور بالنسبة لي ليس وجهة نظر أو مسألة فيها نظر. الدستور ملزم بمقدمته وبكل مواده، والمواد ٧٣ و ٧٤  و٧٥ جازمة لجهة انعقاد مجلس النواب كهيئة ناخبة لا كهيئة تشريعية، وانصرافه الى انتخاب رئيس للجمهورية قبل اي عمل آخر، دون اجتهاد في معرض النص'.

الجميل : الرئاسة اولا

من هنا يرى أن 'وجهة السير وأفضلية المرور واضحة: انتخاب رئيس للجمهورية، تشكيل حكومة جديدة، وضع قانون انتخاب يضمن صحة التمثيل وعدالته وانتخاب مجلس جديد مع التعجيل في كل هذه المراحل وتقصير ولاية المجلس الممدد له مرتين والاحتكام الى إرادة الناس'.
وعن القانون الانتخابي الأمثل، يعبّر الجميّل عن انحيازه الى القانون الذي يجسّد إرادة الناخب، ويقول: 'أعتقد أن الدائرة الفردية الصغرى هي النظام الأكثر تعبيراً يليها نظام النسبية، لكن العبرة هي في صحة تمثيل المكونات طالما لبنان ارتضى النظام الطوائفي أي النظام التشاركي والتوافقي، بالتالي لا مجال لإلغاء أي مكوّن، وبالنهاية لا مناص من قيام الدولة المدنية الخالصة'.

العقوبات الأميركية: ليس علينا تقديم أكثر من المطلوب

يُعرّج الرئيس الجميّل الى الحديث عن العلاقات بين الأحزاب اللبنانية. وردّاً على سؤال عمّا إذا كان يعتقد بوجوب قيام علاقات ثنائية بين حزب الله والكتائب اللبنانية في ظل وجود ورقة تفاهم بين الحزب والتيّار الوطني الحر، يقول إن 'التعاون الصادق بين كل مكوّنات المجتمع اللبناني ضرورة وطنيّة'. ويلفت الى أن 'الحوار قائم بين الكتائب وحزب الله، مع الإقرار بوجود قضايا خلافية'. واعتماداً على الواقعية، يوضح الجميّل أن 'حزب الله يمثل شريحة شعبية واسعة وهو شريك أساس في الوطن'، داعياً الى وجوب 'تمتين العلاقات ما بين الكتائب وحزب الله بما يؤسس لحصانة داخلية تحمي لبنان، أما صيغة هذه العلاقة فيحدّدها حوار مفتوح وبنّاء يرسم نوعية العلاقات المستقبلية، والقواسم المشتركة التي من شأنها تعزيز أطر العمل المشترك لما يحقّق الخير للبلد'.
بالحديث عن حزب الله، لا يفوت الرئيس الجميّل إبداء الرأي بالعقوبات الأميركية الجديدة على الحزب، فيأسف 'جداً لتدخّل الخارج بشؤوننا الداخليّة'. غير أنه يرى أن 'واشنطن قادرة على الإضرار بمصالح لبنان، ولا سيّما بالقطاع المصرفي اللبناني الذي صمد حتى الآن'. وقال: 'لنعترف أن لبنان ليس بمقدوره مواجهة القانون الأميركي لأن الثمن سيكون نسف القطاع المصرفي عندنا. وهنا الكارثة. لبنان ملزم بتطبيق القانون الإميركي وإلا سيكون خارج النظام المالي العالمي، وبالتالي المسألة ليست خياراً بل اضطراراً'. لكن الرئيس الجميّل أكّد أنه 'ليس على لبنان تقديم أكثر من المطلوب، وليس وارداً التبرّع بأكثر من المدى المحدّد لضبط العمليات المالية'، موضحاً أن 'القانون ليس تشريعاً لبنانياً، لكن لا يمكن التضحية بالقطاع المصرفي الذي يشكل الرافعة الأساس في الاقتصاد اللبناني'.

الأمن واللاجئون السوريون سلّة واحدة

ربطاً بالأزمات المحيطة، وفي ظل الحديث عن التصعيد الأمني، يرى الجميّل أن 'لبنان يتنفّس اصطناعياً منذ اندلاع الحروب في المنطقة وخاصة في سوريا'، وذلك على قاعدة 'أنها تغيّم في المنطقة وتمطر في لبنان'. ويقول: 'فلنكن صريحين، لربما أن المجتمع الدولي ودول القرار بحاجة ماسّة للبنان كمستودع أو كمقر آمن للنازحين، والمعادلة الدولية الآن: خذوا الأمن ومعه اللاجئين السوريين.
وحذّر من أن 'هذا الأمن لن يطول إذا بقيت الحرب في سوريا، وإذا بقي تدفق النازحين الى لبنان'، موضحاً أن 'الكثافة السكانية والاحتكاك اليومي والبطالة والفقر عوامل أساسية في اندلاع الثورات والحروب والنزاعات'.

الحوار والحل السلمي لسوريا

عن سوريا، عبّر الجميّل عن أمله في أن ينعم 'الأشقاء السوريون' بالأمن والاستقرار والسلام، بالحوار والحل السياسي ووقف الحرب وحماية المدنيين. واعتبر أن 'التدخل الدولي في الحروب هو سلاح ذو حدين، وبقدر ما هو نعمة بقدر ما يمكن أن يكون نقمة، وبقدر ما هو حل بقدر ما هو أزمة'.
وأبدى اعتقاده بأن تلاقي الإرادتين والمصلحتين الأميركية والروسية كافٍ وحده لإنتاج حلّ. في المقابل، اعتبر الجميّل أن اصطدام المصالح الدولية يؤسّس لحرب المئة عام التي قد تبدأ ساخنة وتستمر حرباً باردة، داعياً الى وقف الحرب في سوريا والشروع في بناء السلام وعودة النازحين الى ديارهم وتحرير لبنان ودول الجوار واوروبا والعالم من هذا العبء الإنساني الكبير. انطلاقاً من هنا، يرى الجميّل أن السلام في سوريا مصلحة عربية شاملة، داعياً الى 'سورَنة' الحل على أساس الحوار وانبثاق سلطة ديمقراطية.
 
المصدر: موقع العهد الاخباري

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد